للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقت حيث أمره الله تعالى أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولم يأمر الله مخلوقاً ان يسأل مخلوقاً شيئاً، لم يأمر الله المخلوق المسؤول به، فما أمر الله العبد به أمر إيجاب أو استحباب ففعله هو عبادة لله وطاعة وقربة لله وصلاح لفاعله وحسنة منه، وإذا وفق لفعل ذلك كان من أعظم إحسان الله إليه وإنعامه عليه، بل أجل نعمة أنعمها الله على عبده أن هداه للإيمان وأرشده التوفيق إليه ومحبة المؤمنين وموالاتهم والدعاء والاستغفار لهم، ومجانبة أهل الشرك والطغيان والجور والبهتان العاملين بالجهل والابتداع والتاركين للأمر المنزل المطاع فعملوا بضده على يقين منهم في ذلك واختراع زاعمين أنه هو المطلوب وأنه هو الوسيلة إلى المحب المحبوب ومعاداتهم وجهادهم عليه وتذكير الله وادعائه إليه، هذا هو الإنعام الحقيقي المذكور في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} وهي الطاعة لله التي من عمل بها يكون مع أوليائه. قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} ذلك الفضل من الله، بل نعم الدنيا بدون الدين هل تسمى نعمة أم لا؟ فيه قولان للعلماء مشهوران، والتحقيق انها نعمة من وجه، وان لم تكن نعمة تامة من وجه، وأما الانعام بالدين ومنه حب أهله وموالاتهم، ومعاداة ضدهم فلا يتم بدون ذلك، فهو الخير الذي ينبغي طلبه باتفاق المسلمين، وهو النعمة الحقيقية عند أهل السنة، قال سبحانه وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فضل الله الإسلام والقرآن ورحمته ان جعلنا من أهله، وكما أن المؤمنين تجب محبتهم وموالاتهم، والكف عن أعراضهم، ويحسن الدعاء والاستغفار لهم، كذلك أعداء الله من المشركين الكافرين تحبب معاداتهم وتحرم موالاتهم وتذكر مساويهم ليرتدعوا عما هم عليه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} وعدم الرضا بدينه صلى الله عليه وسلم وما جاء به والعمل به أكبر من إخراج ذات الرسول فانه لم يخرج إلاَّ بسبب ذلك، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ

<<  <   >  >>