لأنهم قريبو عهد بشرك بأهلها وبصورهم، فلما تمكن التوحيد في قلوبهم أذن لهم في زيارتها على الوجه الذي شرعه ونهاهم أن يقولوا هجراً، كما رواه الإمام أحمد والنسائي عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجراً" ومن أعظمه الشرك عندها قولاً وفعلاً فزيارة القبور على الوجه المشروع الذي يحبه الله ورسوله هي من أفضل احترامها في الصدور حيث أمر الشارع بها ونهى عن إهانة أهلها ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زوروا القبور فإنها تذكر بالموت" وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة " رواه الإمام أحمد، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وإنا ان شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد" وفي صحيحه أيضاً عنها أن جبريل أتاه فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، وفي صحيحه أيضاً عن سليمان بن بريدة عن أبيه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا "السلام على أهل الديار وفي لفظ السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا ان شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" وعند الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: "السلام عليكم أهل القبور يغفر الله لنا ولكم ونحن بالأثر" وعند ابن ماجه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة" وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهينكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة" وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لأمتي فلم يأذن ربي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" فعلم من هذا أن زيارة الموحدين القبور مقصو ها ثلاثة أشياء:
أحدها: تذكار الآخرة والاعتبار والاتعاظ وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة.