بدونه إذ هذه مسائل اجتهادية لا يكفر بها ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، نعم نأمر المسيء في صلاته أن يعدل أركانها، وأن يتم قراءتها وركوعها وسجودها، وأن لا يسابق الإمام فيها فإن فعل يعيدها وننصح ونغلظ القول في ذلك، كما نصح وغلظ فيه صدر الأمة السلف الأول، ونخشى عليه من ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم وكرر ثلاثاً للمسيء في صلاته صل فإنك لم تصل وعلمه كيفيتها كما في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(الوجه الرابع) قوله ولا يلزم من التشبيه الذي بالحديث المذكور ذلك إذ لا يلزم من تشبيه شيء مشاركته له من جميع الوجوه فهو قد فهم أن التمثيل الذي في كلام الله ورسوله هو التشبيه الواقع على المشبه والمشبه به، والتمثيل غير التشبيه في المعنى فإن تشبيه زيد بالأسد في قولنا زيد أسد أو كالأسد أو ما هو من معاكس التشبيه كقوله صلى الله عليه وسلم:" فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" ليس كالأمثال التي ضربها الله في القرآن أو رسوله في السنة فإنه سبحانه وتعالى ضرب قصة الشيطان: {إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْك} مثلاً لبني النضير حين اغتروا بالمنافقين، ثم تبرؤا منهم عند الشدة، فقال:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} إلى أن قال: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} كذلك ضرب سبحانه وتعالى الأمثال في القرآن مخبراً كقوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ... } الآية كقوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ ... } الآية إلى غير ذلك من الأمثال التي لا يعملها إلاَّ العالمون فإن هذه الممثل بها ليست أعلى ولا أتم من الممثل بل هو فوقها وأتم منها حساً ومعنى، وضربه صلى الله عليه وسلم الأمثال في السنة، مع كتمثيله الصلاة في عمود الخيمة وهي بالدين فكما لم تستقم بدون عمود ولا ينتفع بها بدونه، كذلك لا يستقيم الدين بدون الصلاة التي هي منه كالعمود بالنسبة إلى الخيمة، أو كالرأس للجسد، أو كالروح للبدن، وكضرب الله الأمثال في القرآن في أن الممثل أعلا وأتم من