للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وقال عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة، وقد اتفق المسلمون على أنه ليس لأحد أن يعبد الله بما أحبه ورآه بل لا يعبده إلاَّ بما كان عبادة عند الله وهى العبادة الشرعية، ودين الإسلام مبني على أصلين (أحدهما) أن لا نعبد إلاَّ الله (الثاني) أن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع، كما قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى ليبلوكم أيكم أحسن عملاً قال أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه، قال ان العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة، ولهذا قال الإمام أحمد إن أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث، حديث الحلال بين والحرام بين الحديث، وحديث إنما الأعمال بالنيات الحديث، وحديث من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، وذلك أن الدين فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، فالمنهي عنه ذكره في حديث الحلال بين والحرام بين، والمأمور به أمران: عمل باطن وهو إخلاص الدين لله، وعمل ظاهر وهو ما شرع لنا من واجب ومستحب، وأهل الضلال كالمشركين والنصارى يفارقون هذين الأصلين يعبدون غير الله ويبتدعون عبادة لم يأذن بها الله كما ذكر الله ذلك عنهم في سورة الأنعام والأعراف وبراءة وغيرهن من السور وقد أمرنا الله أن نقول في صلاتنا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون" وهم مبتدعون والمشركون يذهبون إلى ما ذهب إليه الضالون ابتداعاً يشرعون ديناً لم يأذن به الله فهم يدعون غير الله ويستغيثونه بما لا يقدر عليه الخلق فلا يكون عملهم لله خالصاً ولا للشريعة موافقاً وبذلك كانوا ضالين، فإن قيل يجوز أن يكون لفظ الاستغاثة بغير الله بمعنى التوسل فمعنى قول المستغيث أستغيث برسول الله وبفلان الولي أي أتوسل برسول الله أو بالولي، ويصح حينئذ أن يقال نجوز الاستغاثة في كل ما يطلب من الله بالأنبياء والصالحين، بمعنى أنه يجوز التوسل بهم في ذلك ويصح لفظاً ومعنى. الجواب أن هذا باطل من وجوه:

أحدها: أن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل

<<  <   >  >>