للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخلصين فقد رغب إلى الله وسأله أن يزيده مما هو فيه من العمل الصالح والقول الراجح ويثبته عليه حتى يلقاه فينال السعادة الأبدية.

(ومنها) أن هذه المقالة مشاكلة قول المشركين وعقيدتهم حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء يشفعون لهم عنده ويقربونهم لديه كقوله: {تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى} وكما دعو العزير والمسيح والملائكة يقربونهم إلى الله ويحببونهم إليه ويشفعون لهم لديه فرد عليهم وعابهم لذلك ولامهم عليه، وأخبر أن الولاية كلها له فليس لخلقه من دونه ولي ولا نصير ولا شفيع إلاَّ من بعد إذنه، وأنه لا يأذن لهم بها إلاَّ لمن رضى عنه كقوله جل شأنه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} وقوله عن الملائكة: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} وقوله عن الرسل: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ... } إلى قوله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} .

(ومنها) أن الله سبحانه وتعالى نفى الملك في ذلك اليوم عن غيره فلا يملك أحد عن أحد شيئاً ولا يغني عنه شيئاً {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} بل أخبر أن الأمر كله له فقال {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وقال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وفي القراءة الأخرى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وقال سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} . والآيات في هذا الباب كثيرة جداً، وفي حديث أبي ذر الذي رواه مسلم:: قال الله يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلاَّ نفسه".

(ومنها) أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين، وأنه

<<  <   >  >>