فيكون الدين كله لله، وقد ثبت في الصحيح: (أن أبا هريرة قال: يا رسول الله أي الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة قال: "يا أبا هريرة لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلاَّ الله يبتغي بها وجه الله") .
ومعلوم أن إخلاص هذه الكلمة الطيبة ابتغاء وجه الله هو تجريدها من شوائب الشرك، فلا يأله القلب أحداً غير الله، فمن علق قلبه على غير الله وتوكل عليه كان فيه من الشرك بحسب ذلك التعلق قل أو كثر دق أو جل، فإن دعاه ورجاه والتجأ إليه فيما وجوده لا يكون إلاَّ من الله فلا يقدر عليه حتى المسئول لا يناله إلاَّ منه، فهذا الداعي الراجي من أبعد الناس من الشفاعة لتألهه مع الله، فإن أخلص قائل الكلمة الطيبة عمله لله وعلق قلبه ولسانه على الله كان من أحق الناس بالشفاعة وإذا أملها ورجاها من الله وسأله أن يشفع فيه نبيه ووليه حقق الله أمله واستجاب سؤاله فقبله وشفع فيه حيث مات قائلاً لا إله إلاَّ الله خالصاً من قلبه مبتغياً بذلك وجه الله، فإنه سبحانه يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.
والفاسق لا يخرج بفسقه عن حكم الإسلام الموجب للتوارث والمناكحة والولاية الإسلامية فلا يخرج به عن حد الشفاعة لأن هذا مذهب الخوارج المنكرين للشفاعة مستدلين بقوله تعالى:{مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} وأما سلف الأمة وأثبتها ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة فأثبتوا ما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم من شفاعته لأهل الكبائر من أمته وغير ذلك من أنواع شفاعته وشفاعة غيره من الأنبياء والملائكة وقالوا إنه لا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد، قالوا وثبوت الشفاعة بالوصف لا بالشخص إذا لم يقع عليه التعيين من النبي صلى الله عليه وسلم كما وصف عليه الصلاة والسلام الذين هم أسعد الناس بشفاعته يوم القيامة وهم القائلون لا إله إلاَّ الله يبتغون بها وجه الله إلى أن لقوا الله، وكما وصف أهل الكبائر من أمته ولم يعين شخصاً من النوعين في هذين الحديثين، وإذا كان كذلك تعين على الشخص دعاء الله أن يجعله من أهل الوصف الذين هم أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان من أهل الكبائر فقد سأل الله أن يتوب عليه ويجعله من المخلصين وإذا كان من