للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالضلال بل قولنا فيه الله أعلم وأولى به، ولكن مقالته لا تقال بل يكف عنا لورود النهي عنها وعن أمثالها، ولأن الأمر كله لله والخلق لا يغنون عن الحق شيئاً بل من رحمه الله فهو المرحوم، ومن أبعده فهو المبعد، فلا أحد كائناً من كان يدخل الجنة إلاَّ بفضل الله ورحمته حتى الأنبياء، فغيرهم بالأولى، وكل من حكم بإسلامه شرعاً فهو المسلم والله أعلم بعاقبة أمره، فلا نشهد لمعين بالنار وأن ارتكب المعاصي في الدنيا، لا مكان أنه تاب أو كانت حسناته محت سيئاته، أو كفر الله عنه بمصائب، أو غير ذلك مما هو فضل الله وعفوه، وان ارتكب كفراً عاملناه بما ظهر لنا منه، وأمره إلى الله، ولا لمعين بجنة وان اكتسب أعمالاً صالحة في الدنيا، إذ لا يعلم ما في نفس الأمر إلاَّ الله، فلا يقطع لمعين بشيء من دونه بلا نص من الشارع صلى الله عليه وسلم، وللعلماء في الشهادة بالجنة ثلاثة أقول:

منهم من لا يشهد بالجنة لأحد إلاَّ للأنبياء وهذا قول محمد بن الحنفية والأوزاعي.

والثاني أنه يشهد بالجنة لكل مؤمن جاء فيه نص وهذا قول أكثر أهل الحديث.

والثالث نشهد بالجنة لهؤلاء ولمن شهد له المؤمنون كما في البخاري من حديث أنس بن مالك قال مر بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجبت" ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: "وجبت" فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت يا رسول الله قال هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيثم عليه شراً فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض وقال صلى الله عليه وسلم: " توشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار" قالوا بم يا رسول الله قال: "بالثناء الحسن والثناء السيء" فأخبر أن ذلك مما يعلم به أهل الجنة وأهل النار، وكان أبو ثور يقول أشهد أن أحمد بن حنبل في الجنة، ويحتج بهذا، والمؤمن بالله ورسوله باطناً وظاهراً الذي قصد إتباع الحق وما جاء به الرسول إذا أخطأ ولم يعرف الحق كان أولى أن يعذره الله في الآخرة من المتعمد العالم بالذنب فإن هذا عاص مستحق للعذاب بلا ريب، وأما ذاك فليس متعمداً للذنب بل هو مخطىء والله قد تجاوز لهذه الأمة الخطأ والنسيان، والعقوبة الحاصلة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيراً ممن لم يعاقب كما يعاقب

<<  <   >  >>