للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَوْلِيَاءَ ... } الآية وهم يقولون بل لهم ولي ونصير ويستدلون بقوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} وبقوله: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ} وتقدم معنى ذلك في بحثه فنحن حول هذه المسألة من أول أمرنا إلى آخر عصرنا ندندن فلا نشير إلاَّ إليها، ولا نجاهد إلاَّ عليها، مع أنهم بدؤنا أولاً ليرجعونا إلى ما كنا عليه من عبادة الطين والأحياء من الشياطين {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وقد قدمنا الكلام على قوله: (يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به. سواك) وان هذه المقالة مردودة من أوجه تقدم ذكرها آنفاً.

(ومنها) قوله ليت شعري ما الذي حملك على تضليل هذا الرجل الذي توفاه الله قبل أن تخلق بأعوام عديده، أي عداوة حصلت بينك وبينه، أم على أي خصومة لأجلها تعاميت عن هذا الوجه الظاهر الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحملت كلامه على محمل بعيد غير لائق بحال آحاد عوام الناس وهو الحمل على الحصر الحقيقي، يعني به نفي ذات الله، حتى حكمت بتضليله بسبب هذه المقالة إلى قوله فالويل كل الويل لمن يحكم بتضليل أساطين هذه الأمة بأمثال هذه التمويهات ويظهر الطعن في السلف الصالح لجلب قلوب العوام أو لحب رياسة أو عصبية أو لغرض من الأغراض الفاسدة.

فهو قد قال فينا وافترى علينا تضليل هذا الرجل الذي قولنا فيه والله أعلم به منا ومن غيرنا إلاَّ أن كلامه ذلك غير مناسب من مثله، بل الواجب عليه وعلى جميع الخلق الانقطاع إلى الله وتفويض الأمر إليه، والتوكل عليه، والاستقامة على ما هو السبب في حصول شفاعته صلى الله عليه وسلم من الأعمال المرضية لرب العالمين، والمقربة إليه في كل حين، الشاملة خصال الإيمان، وأركان الإسلام، فيكون كالذين حكى الله عنهم في القرآن أنهم توسلوا إليه فيما يرضيه مما أمرهم به، ونهاهم عن ضده في كتابه، وعلى ألسنة رسله، ولكن أبى الله أن يصلح بالحفظ إلاَّ كتابه، أو يمنع بالعصمة إلاَّ رسوله، والذي يعترى العقول إما فتحاً وإما شطحاً، والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً عبده ورسوله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وإخلاص معاملته لله وحده لا شريك له، وطاعة رسوله، ويدور على ذلك ويتبعه أين وجده، ويعادي فيه ويوالي فيه، ونحن لم نعاد هذا الرجل ولم نحكم عليه

<<  <   >  >>