به وتلقيه وإن لم يفهم معناه، وهؤلاء يتخذون هذا الكلام الموهم أصلاً في عقيدتهم ويتلونه أوراداً في الصباح والمساء وبعد ختم القرآن في كل آن ومكان.
(ومنها) مبادرة فهمه الذي قام في ذهنه إلى أنا إنما فهمنا من المقالة في نفيه فيها ذات الخالق نفسه تعالى وتقدس ولذلك قال إن الحصر الذي في هذا البيت وأمثاله إضافة بالنسبة إلى المخلوق، والمعنى ما لي من ألوذ به من المخلوقات لأجل الشفاعة سواك، ولم يعلم ويحقق أن هذا المفهوم معطل لا يقول به أحد، بل ذات الله تعالى وتقدس ووجوده. ثابت عند الخاص والعام حتى عباد الأصنام مقرون بخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومدبر أمورهم كما قرر هم في سورة يونس والمؤمنين والزخرف وأمثالها من السور التي أخبر الله فيها أنهم يعرفون خالقهم ورازقهم فأقروا واعترفوا أنه الله مدبر كل شيء ومليكه ولكن أشركوا معه في عبادته وعطلوا معاملته الشاملة لإخلاص ألوهيته وتكذيب رسله فيما جاؤوا به من عنده ومنهم من يكذبهم ظاهراً وباطناً، ومنهم من يكذبهم ظاهراً وهو تعلم صدقهم باطناً كما قال جل شأنه:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} وكما اختلفت أقوالهم في الرسل كذلك اختلفت أقوالهم وآراؤهم في الكتاب بين مكذب وقائل إنه شعر إنه سحر، وكل ذلك لا يدل على أنهم مكذبون بذات الله بل أقروا به تعالى وعرفوه ولكنهم لم يوحدوه، والقصد بالقرآن والرسل توحيد الله بعبادته، وإفراده تعالى بمعاملته المختصة بجلاله من الأعمال الظاهرة والباطنة، ونبذ ما خالفهما من الأقوال والأفعال والاعتقادات، فبذلك يحصل الإيمان بهما واتباعهما ولا أعظم مخالفة من اعتقاد ما هما بخلافه، ولم ينزل القرآن ويرسل الرسل إلاَّ بنفيه وليكون الدين كله لله والأمر كله له، والجاعل الدين أو بعضه لغير الله قولاً أو فعلاً أو اعتقاداً لم يؤمن بالقرآن معنى وان آمن به لفظاً ولم يؤمن بالرسول حقاً، وإن آمن به ظاهراً، وليس اختلافنا مع أعدائنا إلاَّ بذلك لأنا نقول الدين كله لله والأمر كله له، فليس للخالق من دونه ولي ولا نصير، قال سبحانه وتعالى:{مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} وقال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ... } الآية وقال: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي