فرقين، فرق الله بهما بين الحق والباطل ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها يجعلون كلام الله وكلام رسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب إتباعه فيثبتون ما اثبت الله ورسوله، وينفون ما نفاه الله ورسوله، ويجعلون العبارات المجملة المحدثة المتشابهة ممنوعاً من إطلاقها نفياً واثباتاً لا يطلقون اللفظ ولا ينفونه إلا بعد الاستفسار والتفصيل، فإذا بين المعنى اثبت حقه ونفى باطله، بخلاف كلام الله ورسوله فإنه حق يجب قبوله وإن لم يفهم معناه. وكلام غير المعصوم لا يجب قبوله حتى يفهم معناه.
وأما المختلفون في الكتاب والمخالفون له فتجعل كل طائفة ما أصلته من أصول دينها الذي ابتدعته إماماً لها تتبعه، أو المحلات المتشابهات من الكتاب والسنة التي لا يجوز إتباعها بل يجب ردها إلى المحكم. ويتعين حملها عليه، فهم يتبعونها ابتغاء الفتنة ويحملونها على ما يوافق أصلهم الذي ابتدعوه وهذان الصنفان يشبهان ما ذكره الله تعالى في قوله تعالى:{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الآيات إلى قوله: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة على ما أصله من البدع الباطلة وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن فلم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه باللسان، ومتناول لمن كتب كتاباً بيده مخالفاً لكتاب الله ليتناول به رياسَة أو جاهاً أو ديناً وقال هذا هو الشرع والدين، كما لو قال هذا من عند الله وهذا هو معنى الكتاب والسنة، وهذا قول السلف والأئمة، وهذا هو أصول الدين الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من معنى الكتاب والسنة لئلا يحتج به مخالفة في الحق الذي يقوله وهذه الأمور كثير جداً في كلام أهل الأهواء جملة كالرافضة والجهمية وأهل الاعتقادات الفاسدة والبدع المضلة نسأل الله العفو والعافية.
وأما قولكم (فاحتاج إلى تمييز الخطأ عن الصواب والقشر عن اللباب وبيان ما عليه الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة كي يظهر الحق لقليل البضاعة) . هذا