للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمر، ومن كان على مثالهم ممن بسط له فلم يبغِ.

وإذا انفرد الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون: {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} [القصص: ٧٦] . ونمرود بن كنعان حين آتاه الله الملك فحاج في ربه، وفرعون حين قال موسى: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: ٨٨] .

فلما اجتمعوا في الاسم الواحد فجرى عليهم اسم البغي كان الكفار أولى به، كما أن المؤمن أولى بالمدح.

فلما قال الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] .

فجمع بين ذكرين: ذكر الله، وذكر نبيه، فأما ذكر الله إذا انفرد لم يجرِ عليه اسم الحدث، ألم تسمع إلى قوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥] . {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} [الأنبياء: ٥٠] .

وإذا انفرد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه جرى عليه اسم الحدث، ألم تسمع إلى قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] .

فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- له عمل، والله له خالق محدث، والدلالة على أنه جمع بين ذكرين لقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] . فأوقع عليه الحدث عنه إتيانه إيانا، وأنت تعلم أنه لا يأتينا بالأنباء إلا مبلغ ومذكر، وقال الله: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: ٥٥] . {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: ٩] ، {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: ٢١] .

فلما اجتمعوا في اسم الذكر، جرى عليهم اسم الحدث، وذكر النبي إذا انفرد وقع عليه اسم الخلق وكان أولى بالحدث من ذكر الله الذي إذا انفرد لم يقع عليه اسم خلق، ولا حدث، فوجدنا دلالة من قول الله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يعلم فعلمه الله، فلما علمه الله كان ذلك محدثًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>