للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخلوقة، وقد عرف أهل العلم أن فوق السموات السبع الكرسي والعرش واللوح المحفوظ والحجب وأشياء كثيرة لم يسمِها، ولم يجعلها مع الأشياء المخلوقة، وإنما وقع الخبر من الله على السموات والأرض وما بينهما.

وقلنا فيما ادعوا: إن القرآن لا يخلو أن يكون في السموات أو في الأرض أو فيما بينهما، فقلنا: الله تبارك وتعالى يقول: {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الروم: ٨] .

فالذي خلق به السموات والأرض، قد كان قبل السموات والأرض والحق الذي خلق به السموات والأرض هو قوله؛ لأن الله يقول الحق وقال: {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} [ص: ٨٤] ، {وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ} [الأنعام: ٧٣] .

فالحق الذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل السموات والأرض، والحق قوله، وليس قوله مخلوقًا١.


١ قال ابن بطة في كتاب الإبانة "١٩٠/٢، ١٩١":
ثم إن الجهمي ادعى أمرًا آخر، فقال: إن الله -عز وجل- يقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} [الدخان: ٣٨] فزعم أن القرآن لا يخلو أن يكون في السموات أو في الأرض أو فيما بينهما.
فيقال له: إن الله -عز وجل- يقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الحجر: ٨٥] فالحق الذي خلق به السموات والأرض وما بينهما هو قوله وكلامه، لأنه هو الحق وقوله الحق: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} [ص: ٨٤] .
وقال: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ} [الأنعام: ٧٣] فأخبر بأن الخلق كله كان بالحق والحق قوله وكلامه.
وقال: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} [النمل: ٣] وقال: {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [يونس: ٥] يعني قوله وكلامه، فقوله وكلامه قبل السموات والأرض وما بينهما، فتفهموا -رحمكم الله- ولا يستفزنكم الجهمي الخبيث بتغاليطه وتمويهه وتشكيكه ليزلكم عن دينكم، فإن الجهمي لا يألوا جهدًا في تكفير الناس وتضليلهم.
عصمنا الله وإياكم من فتنته برحمته.

<<  <   >  >>