وأما السماء والأرض فقد بادتا؛ لأن أهلها صاروا إلى الجنة والنار. وأما العرش فلا يبيد ولا يذهب؛ لأنه سقف الجنة والله عليه فلا يهلك ولا يبيد.
وأما قوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨] . وذلك أن الله أنزل:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن: ٢٦] .
قالت الملائكة: هلك أهل الأرض وطمعوا في البقاء، فأنزل الله آية يخبر عن أهل السموات وأهل الأرض أنهم يموتون، فقال:{كُلُّ شَيْءٍ} من الحيوان {هَالِكٌ} يعني ميت {إِلاَّ وَجْهَهُ} أنه حي لا يموت، فأيقنوا عند ذلك بالموت.
وقلنا للجهمية حين زعموا أن الله في كل مكان لا يخلو منه مكان فقلنا: أخبرونا عن قول الله جل ثناؤه: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ}[الأعراف: ١٣٤] .
لِمَ يتجلى للجبل إن كان فيه بزعمهم؟ فلو كان فيه كما تزعمون لم يكن يتجلى لشيء هو فيه، ولكن الله -جل ثناؤه- على العرش، وتجلى
١ انظر في أبَدِّية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد، وكذا النار وأبديتها ودوامها: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن قيم الجوزية -رحمه الله- الباب السابع والستون "ص: ٤٨٠-٥٢٨" وكذا "الشريعة" للآجري "١٣٧١/٣-١٣٨٢".