للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشيخ في نقوله كان يختار ما يعين على صياغة "الموقف الإيجابي" الذي يريده كل من يؤمن بالدعوة السلفية.. فليس في قضية الإيمان والكفر مجال لمواربة أو مداهنة أو سلبية ... والباطل يصر ويتجمع وينتفخ ويستعلي، فهل يمكن أن يجابه ويغالب بالتردد والتفرق والاستخذاء!؟.. أليس التوكل على الله والاعتزاز به والرجاء فيه والخوف منه وإفراده سبحانه بذلك هي حقيقة الإيمان والتوحيد، أليس الاجتماع على الحق والجهاد في سبيله من فرائض هذا الدين؟؟.. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في "ثلاثة الأصول": اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: الأولى: العلم –وهو معرفة الله ونبيه ودين الإسلام بالأدلة. الثانية: العمل به. الثالثة: الدعوة إليه. الرابعة: الصبر على الأذى فيه. والدليل قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} ، قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم.

متبع غير مبتدع:

وإذا كان محمد بن عبد الوهاب متميزاً في "حركته" التي كانت "نهجه" في العمل للدعوة السلفية، فإنه في "موضوع" هذه الدعوة سلفي متبع غير مبتدع، لا يفتأ يلح على ما بينه متبعو السلف الصالح جيلاً بعد جيل، ويقتفي أثر السابقين بإحسان في معالجة قضايا الصفات وتوحيد الألوهية والربوبية وعبادة الله وحده وفق ما جاء به رسوله صلوات الله عليه وسلم وإنكار البدع وما إلى ذلك.

وكتاباته من هذه الوجهة إنما تؤكد ما سبق أن قرره الطحاوي وشارح "الطحاوية" من بعده، ثم ابن تيمية وابن القيم وغيرهم رحمهم الله وأجزل مثوبتهم ... والشيخ ابن عبد الوهاب يؤكد هذا في صراحة قاطعة ودون أية مواربة، لأن اعتقاد السلف مأخوذ عن السلف من صحابة وتابعين وتابعيهم بإحسان رضي الله عنهم، وأساس فهمهم جميعاً الكتاب والسنة، فالداعون إلى عقيدة السلف هم دائماً متبعون لا مبتدعون، بل هم لا ينفكون عن الإنكار على كل ابتداع في هذا المجال ... يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته إلى السويدي عالم

<<  <   >  >>