استقل كل أمير في نجد بإماراته، وبلغ الأمر ذروته في القرن الثاني عشر الهجري حيث تعددت الإمارات، فكانت الإمارة في العيينة لآل معمر، وفي الدرعية لآل سعود، وفي الرياض لآل دواس، وفي الأحساء لبني خالد، وفي نجران لآل هزال، وفي حائل لآل عليّ، وفي القصيم لآل حجيلان، إلى غير ذلك من الإمارات.
وبين هذه الإمارات المتعددة من الشحناء والبغضاء والتناحر والتنافر ما يحول دون استقرار البلاد والشعور بالأمن والانصراف للكسب والمعيشة.
ولم تكن الحالة الدينية في نجد أحسن من تلك الحالة السياسية فإن انقطاع الصلة بينها وبين الخلافة والدولة وما نجم عن ذلك من استقلال إماراتها وانقسام قبائلها جعل حياتها الدينية مضطربة منحرفة، وعرض العقيدة الإسلامية في نفوس أبنائها إلى شوائب البدع والخرافات، حتى كثر الشرك بالله، وشاعت الاعتقادات الجاهلية، واشتدت الحالة في القرن الثاني عشر الهجري، واعتقد الناس في الجن والأحجار والأشجار والقبور، ولم يكن هناك من العلماء من يقوم بواجب الدعوة إلى الله وتبصير الناس بما هم عليه من الشرك والخرافات والأباطيل حيث غلب الهوى واستحوذ على العقول الضلال، واستسلم أمام موجة الجهل عامة الناس وخاصتهم ما بين مخدوع ومستضعف مسكين.
وحين تعظم الطاقة وتدلهم الخطوب تسأم النفوس الحياة وتمل الفساد والجور وتتطلع إلى ساعة الخلاص التي تنقذها من براثن الشرك وتنشلها من حمأة الرذيلة وتأخذ بيدها إلى صراط مستقيم وترفع عن كاهلها أوزار الجهالة، وتحطم قيود