قال هذا الأديب الكبير في رسالته "الاتجاهات الحديثة في الإسلام":
إن الحركة الوهابية التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت خليقة أن تدعى:"حركة المحمديين" نسبة إلى باعثها، وطبيعة دعوته هي التوحيد الخالص الذي بعث به الرسول "صلى الله عليه وسلم" ولكنها نسبت إلى أبيه، وأبوه لا يد له فيها لأمر أرادته السياسة العثمانية وأتباعها حينما أشفقت من انتشار سلطانه أشدّ الإشفاق، فقاومتها ما وسعتها المقاومة، وبالغت في تشويه غايتها وعزتها إلى الابتداع والخروج على الدين وجعلت هذا عنواناً على ما تزعمه من ضلالها.
وندع التاريخ السياسي لهذه الحركة، لنفرغ لوجهتها في الإسلام كما تهدي إليها كتب زعيمها ودراسات الباحثين المحايدين من الشرقيين والغربيين.
والمجمع عليه أنّ هذه الحركة في الإسلام جديدة وقديمة معاً والواقع أنّها جديدة بالنسبة إلى المعاصرين، ولكنها قديمة في حقيقة الأمر.
والمتقصي لأطوار الإصلاح في العالم الإسلاميّ، وعلاقة بعضها ببعض، يرى في هذه الحركة امتداداً لانتفاضات قديمة عرفتها العصور الإسلاميّة في آثار "ابن حزم" الأندلسي، ثم في حركة الإمام أحمد بن حنبل وأتباعه ببغداد حين كانوا يرون ما يعرض له الإسلام من لوثات أهل البدع والأهواء ثم في انتفاضة شيخ الإسلام الإمام "تقي الدين أحمد بن تيمية" في بلاد الشام في القرن الثامن الهجري، وهي أروعها تجديداً وأبعدها أثراً في إصلاح الفكر الإسلاميّ، ومن كتب ابن تيمية وأتباعه كابن القيم وابن قدامة وابن كثير وغيرهم اقتبس "الشيخ محمد بن عبد الوهاب" جذوته الإصلاحيّة"، فدرس القرآن والسنة ومتجردة من أوهام المخرفين وأهل الأهواء، وبعثته إلى هذا التجديد الذي وفق فيه توفيقاً لم يكتب لأولئك،