إن صيانة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكتب الإمام ابن تيمية وإحياءه لهما تعد مفخرة من مفاخر هذا الشيخ ستظل تذكر له بالعرفان والتقدير، فان كتب شيخ الإسلام ورسائله كانت مطمورة تحت ركام الإهمال والنسيان، لا يسمح لها أهل البدع والإلحاد أن ترى النور، ولا أن تقوم بدورها الخطير في توجيه العالم الإسلامي نحو الطريق الصحيح.
بل كثيراً ما كانوا يحذرون من قراءتها ويقرنونها بكتب الفلاسفة في جواز الاستنجاء بها.
فلما قامت حركة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة أخذت تنقب عن تلك الثروة العظيمة التي خلفها شيخ الإسلام ابن تيمية تلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى وجد المسؤولون عن هذه الدعوة في إبراز هذه الكنوز بالطبع والنشر.
وكان للملك عبد العزيز – غفر الله له وأجزل مثوبته- اليد الطولى في هذا الباب، حتى أصبحت كتب الشيخين الجليلين تملأ المكتبات العامة والخاصة.
وأخذت العقيدة السلفية التي كانت قابعة في زوايا كتب الكلام حيث تذكر ولا تقدر، وتعتبر مذهباً للعوام، أخذت مركزها الصحيح في القيادة والتوجيه، بعد قراءة كتب هذين الإمامين اللذين لم يأت لهما نظير في الجمع بين المعقول والمنقول، فكتبهما الآن هي المنارة التي تضيء السبيل لكل مستقيم الفكر بريء من الهوى والتقليد، وآراؤهما أصبحت محل التقدير العظيم في جميع الأوساط والمحافل العلميّة.