يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم وما بعده من الأبيات التي مضمونها: إخلاص الدعاء واللياذ والرجاء والاعتماد في ضيق الحالات وأعظم الاضطرار لغير الله، فناقضوا الرسول صلى الله عليه وسلم بارتكاب ما نهى عنه أعظم مناقضة وشاقوا الله ورسوله أعظم مشاقة، وذلك أن الشيطان أظهر لهم هذا الشرك العظيم في قالب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، وأظهر التوحيد والإخلاص الذي بعثه الله في قالب تنقيص، وهؤلاء المشركون هم المنتقصون الناقصون أفرطوا في تعظيمه بما نهاهم عنه أشد النهي، وفرطوا في متابعته فلم يعبؤوا بأقواله وأفعاله ولا رضوا بحكمه ولا سلموا له. وإنما يحصل تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم أمره ونهيه والاهتداء بهديه ومتابعة سنته ... فالله المستعان وفي الحديث الصحيح: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قلبكم الغلو! " ونذكر فيما يلي بعض أبيات هذه البردة التي يلام السلفيون من قبل الخراقيين في نقدهم لها والتحذير منها وفيها الكثير من الشرك الصريح: ما سامني الدهر ضيما واستجرت به ... إلا ونلت جواراً منه لم يضم ولا التمست غنى الداريت من يده ... إلا استلمت الندى من خير مستلم ومن يكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد من آجامها تجم يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم لو ناسبت قدره آياته عظما ... أحى اسمه حين يدعى دارس الرمم وكل آي أتى الرسل الكرام بها ... فإنما اتصلت من نوره بهم ومن تأمل البيت قبل الأخير، علم أن البوصيري يصرح بأن الآيات التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ومنها القرآن العظيم لا تناسب قدره، فإن اسمه يحي الموتى، وما أكذب هذا الشاعر في البيت الأخير، المخالف لقوله تعالى يخاطب الرسول ويدعوه للاقتداء بالرسل قبله –لا العكس ما يقول البوصيري-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} "الأنعام: من الآية٩٠"، وهذا الشاعر يزعم أن علم الغيب من بعض علوم الرسول، وكل ذلك مخالف للقرآن والحديث!!..