العمل الذي قام به علماء الحقّ، وصورة تامة لمسؤولياتهم ودستور كامل لحياتهم وأن تاريخ الدعوة والإصلاح تفصيل لهذا الإجمال وخطوة نحو إكمال هذه النواحي الثلاث، وهي نفي تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين للإسلام.
ظل هذا العمل مستمراً من بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا شرق العالم الإسلامي إلى غربه ومن شماله على جنوبه من حيث الزمان ومن حيث المكان، ولما غشي الظلام في القرن الثاني عشر الهجري في العالم الإسلامي وتغيرت الظروف خاصة في بعض جزيرة العرب فقد انتشرت البدع والخرافات وأن عدداً كبيراً من الناس كانوا يجهلون التعاليم الأساسية للإسلام وحقيقة التوحيد وأحاطت بهم العقائد المشتركة والأوهام والخرافات وساد فيهم قطع الطريق على غرار أيام الجاهلية الأولى، ومما لا شكّ فيه أنّ أيّ علاجٍ لا يثمر ما دامت العقيدة الأساسية مزعزعة والإيمان نفسه في خطر فكانت الحاجة ماسة إلى أن يقوم مصلح كبير وشخصية عملاقة بتغيير الأوضاع فقد هيأ الله لهذه المهمة ذات الخطر في حياة الأمة الإسلامية.
في ذلك العصر قام المصلح الكبير الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي رحمة الله – بإصلاح العقائد وإقامة شرائع الإسلام المتروكة - وتعظيم حرماته المنتهكة وإعادة الأمور وإعادة الأمور إلى نصابها، دعا الناس جهاراً إلى مبدأ {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ....} ، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} ووضح الفرق بين التوحيد الخالص والشرك، وبين البدعة والسنة، وأنار للأمة سبيلها وأرشدها إلى طريق الحق والصواب وحققت دعوته هذه لنجد آمالها وقد بدأت في محيطها أول ما بدأت.. فأنشأت لها مجتمعاً إسلامياً سليماً يؤمن بالتوحيد ويعظم شأنه ويسير على هداه، ولا يدعو مع الله أحداً ولا يزال هذا حاله إلى يومنا هذا "وهي المملكة العربية السعودية" نشأت في ظل هذه الدعوة وآمنت بها فصارت الدولة الإسلامية الكبرى التي أسست على شريعة الإسلام في العصر الحديث.