للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما انطلت عليه شبهة المشتبهين من الخرافيين بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يحب الأنبياء والصالحين، غرس هذه الشبهة الشيطان بأدمغة أوليائه وأغفلهم عن مراد المصلح الداعية وهو أن ينهى عن زيارة القبور البدعية، وإعطاء الأولياء الصالحين فوق حقهم، وتشريكهم حق الله، وما ثبت من زيارة القبور الشرعية فمحمد بن عبد الوهاب يأمر بها ولم ينه عنها ويعطي الأنبياء والأولياء حقهم من محبتهم التي تجعل من يحبهم يتأسى بأقوالهم وأفعالهم حتى يكون ولياً بما كانوا به أولياء وصالحاً بما كانوا به صلحاء.

قال الله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} يونس:٦٣، فلم يثبت الولاية إلا للمؤمنين المتقين، ولم يقل أن الولاية لمن عظم قبور الصالحين، وتبرك بهم وجعل لهم النذور والذبائح، وهذه الحقيقة ثابتة في مؤلفات الشيخ المصلح المجدد للقرن الثاني عشر الهجري، والذي ما زال إصلاحه مستمراً وتأليفه فيه مستقراً.

فهو بين أيدينا منظوراً ومقروءاً، فنسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه. فكانت عناية الشيخ بالعقيدة وتصحيحها وتعديل مفاهيم الناس، ولكنه مع ذلك لم يغفل الفروع بل أدى لها جملة من الاهتمام يتضح ذلك فيما قرره بأنه من أبعد الناس عن التعصب والتقليد، يدعوا إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يتوخى الدليل، ويرى الاقتداء بالأئمة بما لم يقم الدليل على خلاف من اجتهاداتهم.

ومؤلفاته حافلة بذلك سواء ما ألفه ابتداءً في التوحيد والفروع. أو ما اختصره من كتب الأئمة والمحققين تقريباً منه إلى الأذهان القاصرة، ونظر امن بوصل طلابه بالأئمة السابقين ونفعهم العاجل، لأنه ليس كل طالب علم يقوى على قراءة الكتب المطولة فإذا قرأ المنصف والمحب للفائدة، والراغب في الاطلاع والذب عن أئمة الدعوة ومؤلفاته التي قامت بجمعها وطبعها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تجلى للقارئ اعتماد الشيخ على الكتاب والسنة.

<<  <   >  >>