للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تهم وشبهات وما أشاعه خصومها من اعتراضات.

وهذه الرسائل تقدم صورة واضحة لفساد الحال في المجتمع النجدي الذي نزل به الجهل إلى تقديس لحجر والشجر والقعود عن الأخذ بالأسباب حين استبدلوا بها التعلق بأوهام لا تمت إلى الدين بسبب، مع ارتداد الحياة الجاهلية الأولى في البغي والظلم والنهب والسلب والسطو على الأموال والأعراض وقطع الطريق على حجاج بيت الله.

ثم إن هذه الرسائل تقدم إلى جانب ذلك صورة واضحة لحقيقة الدعوة بما نفته عن نفسها من تهم أعدائها، الذين يزعمون أن صاحبها مبتدع يدعي الاجتهاد ويبطل كتب المذاهب الأربعة، وأنه يصم بالكفر من ليس على مذهبه من المسلمين ويكفر من لم يهاجر إليه ممن يرى رأيه ويستبيح قتاله، وأنه ينكر شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينهى عن الصلاة عليه، ويعتبر المرحلة إلى زيارته شركاً وينكر على المسلمين توقير أهل بيته.

ورسائل محمد بن عبد الوهاب ومناظراته لأهل الحجاز في اجتماع رسله بعلمائهم كما وردت في تاريخ ابن غنام معاصر محمد بن عبد الوهاب تكذب ذلك كله، وتقرر أنه متبع غير مبتدع على مذهب أحمد بن حنبل لا يدعي الاجتهاد، يقر بشفاعة رسول الله ويصلي عليه كما أمر الله في كتابه، ولا ينهى عن الرحلة إلى مسجده ولا ينكر كرامات الأولياء ولا ينهى عن توقيرهم وعن توقير أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه ينكر ما يفعله الجهال من سؤالهم جلب النفع ودفع الضرّ، ومن نذر النذور والذبائح لهم، وينكر ابتداعات المبتدعين، وينصح من يقبل النصيحة من إخوانه ألا يصير في قلب أحدهم شيء من الأدعية والأوراد يظن أن قراءته أجل من قراءة القرآن أو تعدلها.

ذلك إلى أن دعوة محمد بن عبد الوهاب قد أسيء فهمها في بعض الأحيان من الخصوم والأولياء على السواء، ومن أبرز ما أسيء فهمها فيه عداوتها للصوفية

<<  <   >  >>