للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أركانه، ومعرفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونسبه ومبعثه وهجرته.

وأول ما دعا إليه كلمة التوحيد، وسائر العبادات التي لا تنبغي إلا لله، كالدعاء والذبح والنذر، والخوف، والرجاء، والخشية، والرغبة، والتوكل، والإنابة، وغير ذلك. فلم يبق أحد من عوام أهل نجد جاهلاً بأحكام دين الإسلام بل كلهم تعلموا ذلك، بعد أن كانوا جاهلين، إلاّ الخواص منهم وانتفع الناس به من هذه الجهة الحميدة أي من سيرته المرضية وإرشاده النافع١.


١ هناك صفحة ناصعة مجهولة لدور المرأة العظيم في نجاح حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لا ينبغي لنا أن ننساها أو نغفل عنها وهي أن دلت على شيء فإنما تدل على ما وهب الله تعالى كثيراً من النساء من أريحية وإلهام وقد يفوق عقل الرجل فما عليه إلا أن يصغي إليها ...
ذكر الألوسي الذي تحدث عنه في تاريخه بعدما تحدث طويلاً عن نقمة سليمان بن محمد بن عبد العزيز الحميدي صاحب الأحساء والقطيف على الشيخ محمد بن عبد الوهاب بسبب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فأمر بقتله ففر إلى الدرعية بعدما قاسى من أهوال الحر والتعب في الطريق فنزل بيت عبد الله بن سويلم العريني فلما دخل عليه ضاقت به داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود صاحب الدرعية فوعظه الشيخ وسكّن جأشه وروعه وقال: سيجعل الله لنا ولك فرجاً، فاستقر فأراد –عبد الله- أن يخبر محمد بن سعود بحال الشيخ ويرغبه في نصرته، فالتجأ إلى أخويه وزوجته "موضي بنت أبي وحطان آل الزبير" وكانت ذات عقل وفهم، فأخبروها بحال الشيخ وصفته من الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقذف الله محبة الشيخ في قلبها، فأخبرت زوجها محمد بن سعود بحاله وقالت له – وما أعظم ما قالت-:
"إن هذا الرجل أتى إليك! وهو غنيمة ساقها الله تعالى إليك، فأكرمه وعظمه، واغتنم نصرته".
فقبل قولها وألقى الله محبته في قلبه.
ولم تكتف هذه المرأة الصالحة بما سبق، بل رغبت محمد بن سعود في زيارته بعدما كان يأمل العكس بزيارة الشيخ له، قائلة: بل أنت قم لزيارته والذهاب إليه، لعل ذلك يكون سبباً في تعظيم الناس له وإكرامه!
فسار محمد بن سعود إليه فلما دخل عليه ضجت دار ابن سويلم "يا للموقف التاريخي الخطير" فرحب به الأمير وقال: أبشر بالخير والعزة والمنعة!
فقال له الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين والغلبة على جميع بلاد نجد. وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسّك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم.

<<  <   >  >>