للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد أحس من خلال رحلاته في كثير من أجزاء العالم الإسلامي ما يسود المسلمين من انحراف عن مبادئ الدين الصحيح، وذلك بانتشار البدع والمفاسد والخرافات، إضافة إلى ما صاحب ذلك من فوضى واضطراب سياسي وتدهور في الحالة الاقتصادية فعمت المجاعات وانتشرت الأوبئة، وبخاصة داخل الجزيرة العربية.

وقد عرف الشيخ أن هذا التدهور كله عائدٌ إلى ابتعاد المسلمين عن أصول الإسلام التي كان عليها الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" وأصحابه، حتى لقد انتشرت أنواع خطيرة من الشرك وتقديس الموتى والصالحين، وحتى المأفونين والمجانين، بل نزلوا إلى تقديس الأشجار والأحجار وتعظيمها.

ولم ير الشيخ بداً من أن يجهر بالحقّ، ويعلن إنكاره لهذه الأفعال، وعلى الرغم من أن هذا الجهد من الشيخ قد بدأ أثناء رحلاته العلمية. إلا أنه كان جهداً فردياً لم يؤت ثماره المطلوبة. وكثيراً ما تعرض الشيخ للاضطهاد – أثناء هذه الرحلات- والإخراج من البلد "كما حصل في البصرة وحريملاء" ورغم أن انتقاله إلى "العيينة" وترحيب أميرها "عثمان بن معمر" به أول الأمر، وتنفيذه بعض مبادئ الدعوة عملياً قد فتح باب الأمل أمام الشيخ. إلا أنه لم يلبث أن أخرجه بتهديد من حاكم الأحساء.

فانتقل الشيخ بدعوته إلى "الدرعية" عام ١١٥٧هـ "١٧٤٤م" وكان انتقاله موفقاً، فقد قبل أميرها "محمد بن سعود" الدعوة وقنع بها، ووعد الشيخ بنصرته ومساعدته لنشر دعوته بين المسلمين بكل ما أوتي من قوة. ومن هنا أخذ الجهد الجماعي للدعوة يظهر، وبدأ التطبيق العملي لمبادئ الدعوة، وتحقيق أهدافها وأملها العظام.

<<  <   >  >>