للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأضرحة التي لا عداد لها تقام في جميع أقطاره يشد الناس إليها رحالهم ويتمسحون بها ويتذللون لها ويطلبون جلب الخير لهم ودفع الشرّ عنهم. ففي كلّ بلدة ولي أو أولياء. وفي كل بلدة ضريح أو أضرحة تشترك مع الله تعالى في تصريف الأمور، ودفع الأذى وجلب الخير وكأن الله سلطان من سلاطين الدنيا يتقرب إليه بذوي الجاه وأهل الزلفى لديه. ويرجون في تغيير القوانين وقضاء الحاجات. أليس هذا كما كان يقول مشركو العرب {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وقولهم {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ؟ بل واأسفاه لم يكتف المسلمون بذلك. بل أشركوا مع الله حتى النبات والجماد فهؤلاء أهل بلدة منفوحة باليمامة يعتقدون في نخلة هناك، أن لها قدرة عجيبة من قصدها من العرائس تزوجت لعامها. وهذا الغار في الدرعية يحج إليه الناس للتبرك وفي كلّ بلدةٍ من البلاد الإسلاميّة مثل هذا، ففي مصر شجرة الحنفي. ونعل الكلشني. وبوابه المتولي١.

وفي كل قطر حجر وشجر فكيف يخلص التوحيد من هذه العقائد؟ إنها تصد الناس عن الله الواحد وتشرك معه غيره وتسيء إلى النفوس وتجعلها ذليلة وضيعة مخرفة وتجردها من فكرة التوحيد وتفقدها التسامي.

هكذا شغلت ذهنه فكرة التوحيد في العقيدة مجردة من كل شريك وفكرة التوحيد في التشريع الإسلامي فلا مصدر له إلا الكتاب والسنة.


١ شجرة الحنفي: شجرة قديمة كانت في جامع الحنفي بالقاهرة يتبرك بها. ونعل الكلشني: نعل قديمة في تكية الكلشني يزعمون أن الماء إذا شرب منها ينفع للتداوي من العشق، وبوابة المتولي بالقاهرة: أيضاً مملوءة بالمسامير يتعلق فيها الشعور والخيوط لقضاء حاجة من علقها.

<<  <   >  >>