للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلسفة الدعوة:

ليس الإمام الشيخ فيلسوفاً قابعاً في غرفة مكتبه، أو صوفياً منزوياً في خلوته أو كاتباً نظرياً يعتصر شوارد أفكاره ويستوحي سوانح أخيلته ليمتع نفسه بتحقيق رغائبه المادية أو أشواقه الروحية، وإنما كان رائد منهج وخطة عمل مترجمة إلى عقد جلساتٍ وندوات للحديث والمناقشة حول المعتقد وأحوال المجتمع ويصحب ذلك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة دائبة إلى الله بالحسنى، تتمثل في بعث رسائل وقورة ومهذبة إلى جماعة العلماء والزعماء والرؤساء. وإذا كان لا بد من نخبة تنظّم أبعاد مسيرة الدعوة وتحديد إطار أهدافها مما يحلوا للكثير من الناس أن يدَعوه فلسفةً أو "أيديولوجية١" فإن ذلك ميسر لمن يريده، متمثل في أسلوب الدعوة وفي ظلال الكلمات الوادعة النابضة بأسمى المعاني في رسائله ومؤلفاته، حيث تبرز تلك الأديولوجية في ظاهرتين متميزتين هما:

الوضوح الإيجابي فيم يدعوا إليه، واعتماد الأصالة في استمداده وورده ومن هذين المنطلقين المثابرين كانت دعوته مبنية على أساسين كبيرين هما:

أولاً: الدعوة إلى التوحيد ومحاربة مظاهر الشرك بجميع أشكاله وألوانه


١ لا يصح أن نسمي دعوة الشيخ فلسفة أو "أيديولوجية" لأنه رحمه الله تعالى وأجزل ثوابه، لم يأتنا بشيء جديد في التشريع، إنما جاءنا بأسلوب حديث في الإنجاز والإخراج كما قال الكاتب نفسه ومهما كان من حركة هذا الإمام وقوتها وعظيم أثرها، فهي حركة قديمة لم يخل منها زمان ومكان، فتارة تسمى "دعوة أهل الحديث"، وتارة تسمى "الدعوة السلفية" وسميت في العصور الأخيرة "الوهابية على اختلاف حقيقتها" وقد تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وبشرها بالنصر في مثل قوله: "لا تزال طائفة من أمتي، قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس" رواه البخاري وأحمد، وذكر البخاري وغيره أن هذه الطائفة هي: " أهل الحديث" رحم الله ميتهم وبارك في أحيائهم وجعلنا منهم والهم الدعاة والمصلحين والمسؤولين التقرب منهم والاستفادة من علومهم "م. م"

<<  <   >  >>