للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان حظّ نجد في هذه الجاهلية الجديدة أكبر الحظوظ، فقد اجتمع على أهله الجهل والبداوة، والفقر، والانقسام في كل ناحية من نواحي نجد، ومن الأمراء بمقدار ما كان فيها من القرى ففي كل قرية أمير، وفي كل ناحية جمعية أمم وكان في كل أمارة قبر عليه بناء أو شجرة لها أسطورة يقوم عليها سادن من شياطين الإنس يزين للناس الكفر ويدعوهم إلى الاعتقاد بالقبر والذبح له.

والتبرك به والدعاء عنده ثم ذكر شجرة تسمى "شجرة الذئب" وقبر "زيد بن الخطاب" وذلك على سبيل المثال، وكان العلماء قلة والحكام عتاة ظلمة والناس فوضى يغزو بعضهم بعضاً ويعدو قويهم على ضعيفهم.

في تلك البيئة نشأ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، فرأى شمس الإسلام إلى أفول، ورأى ظلمة الكفر إلى امتداد وشمول وأراد الله له الخير، فقدر له أن يكون أحد الذين أخبر الرسول أنهم يبعثون ليجددوا لهذه الأمة دينها، بل لقد كان أحق بهذا الوصف من كل من وصف به في تاريخنا. فقد حقق على يديه عودة نجد إلى التوحيد الصحيح، والدين الحق، والألفة بعد


= الوهابية في المملكة العربية السعودية؟ فأجاب: لا. فقلت له: فلماذا دفعت الكتاب إلى المطبعة قبل أن نتذاكر بشأنه بقصد الوصول إلى الحقيقة؟ فوافق على سحب الكتاب من المطبعة لمناقشته، واشترط ألا أكون في الاجتماع لما يعلم من حماستي للفكرة، واقترح شخصين آخرين. فتم الاتفاق على ذلك ولكن الاجتماع لم يحصل وتم طبع الكتاب، وخرج إلى السوق. فسارعت إلى مطالعته، فرأيت فيه الكثير من الخير والصواب والإنصاف، وبعض التناقض الخطأ، فكتبت مقالاً بعنوان: "الأستاذ علي الطنطاوي يرد على الأديب علي الطنطاوي" وأوضحت فيه بعض ذلك غير أن فريقاً من الأصدقاء نصحوني بعدم نشره، فقبلت النصيحة. ولما كان هذا الكتاب بجزأيه الصغيرين يغلب فيه الصواب على الخطأ، فحشدت جميع أولادي لبيعه في مسجد الجامعة السورية بدمشق كل يوم جمعة، فنفدت طبعته بسرعة.
وقد رجوت الأستاذ الأخ علي منذ سنوات بلزوم تعديله فوافق على ذلك جزاه الله خيراً، وبالنظر لكثرة أعماله جعل الله سبحانه فيها النفع للمسلمين، فقد عهد بذلك إلى أحد الإخوة، فنأمل أن يصدر قريباً وفيه الحقيقة كل الحقيقة.....

<<  <   >  >>