للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السبب الأول: الصحوة المباركة وحاجتها إلى منهج تربوي أصيل]

أيها الأحبة! لقد شاء الله جل وعلا في وقت تجمعت فيه كل جاهليات الأرض للقضاء على الإسلام، واستئصال شأفة المسلمين، شاء الله أن يبزغ في الأفق، نور يشرق، وأمل يتجدد، أضحى حقيقة كبيرة لا تنكر، بل وأفزعت هذه الحقيقة المشرقة العالم بأسره، وكيف لا وهي أكبر حدث إنساني في النصف الثاني من القرن العشرين، يتمثل في صحوتكم الإسلامية العالمية المباركة، فها نحن نرى بفضل الله جل وعلا كوكبة كريمة، وثلة مباركة عظيمة، من شباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود، تلك الكوكبة الكريمة المباركة التي جاءت بعد بدر والقادسية واليرموك وحطين، جاءت من جديد لتمضي على طريق الدعوة الطويل، الضارب في شعاب الزمان، من لدن نوح إلى نبينا صلى الله عليه وسلم.

جاءت هذه الكوكبة لتمضي على ذات الطريق، مستقيمة الخطا، ثابتة الأقدام، تجتاز الصخور والأشواك والحجارة، تسيل دماء، وتتمزق هنا وهناك أشلاء، ولكن الركب الكريم في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا يحيد؛ لأنه على ثقة مطلقة بنهاية الطريق، وبانتصار الحق ومحق الباطل، وأن الحق ظاهر خالد، والباطل زاهق زائل.

فحيثما توجهتم -أيها الأحباب- وجدتم صحوة عارمة عالمية مباركةً، فلقد أقمت في أمريكا منذ ثلاثة أشهر فقط، بدعوة كريمة للمشاركة في ثلاثة مؤتمرات إسلامية، وأبشركم -ولله الحمد- فقد حضر المؤتمر في قلب قلعة الكفر ما يزيد على ستة آلاف موحد وموحدة، احتلوا ساحة أكبر فندق في مدينة تريت وصدح المؤذن بكلمة التكبير والتوحيد في قلب قلعة الكفر خمس مرات، من منا كان يتوقع أن تصل الصحوة إلى قلعة الكفر؟! من منا كان يظن أن يكون هذا العمل المنظم الدقيق للإسلام في قلب أمريكا؟! إنه وعد الله.

صبح تنفس بالضياء وأشرق والصحوة الكبرى تهز البيرقا

وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا

وقوافل الإيمان تقتحم المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا

ما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا

هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا

هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا

فجر تدفق من سيحجب نوره أرني يداً سدت علينا المشرقا

يا نهر صحوتنا رأيتك صافيا وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى

قالوا: تطرف جيلنا لما سما قطراً وأعطى للطهارة موثقا

ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى

أو كان إرهاباً جهاد نبينا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا

أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا

إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به ونمدح عفلقا

إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا

إن التطرف أن نبادل كافراً حباً ونمنحه الولاء محققا

إن التطرف وصمة في وجه من جعلوا البوسنة رماداً محرقا

شتان بين النهر يعذب ماؤه والبحر بالملح الأجاج تمزقا

يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقا

لك في كتاب الله فجر صادق اتبع هداه ودعك ممن فرقا

لك في رسولك قدوة فهو الذي الصدق والخلق الرفيع تخلقا

يا جيل صحوتنا ستبقى شامخاً سوف تبقى بالتزامك أسمقا

هذه الصحوة المباركة هي السبب الأول من أسباب اختياري لموضوع ليلتنا هذه (التربية لماذا؟) فإن هذه الصحوة -أيها الأطهار- في أمس الحاجة إلى منهج تربوي أصيل، يقود خطاها وسيرها ومسراها، حتى لا يضيع جهد هذه الصحوة المباركة سُدى، كما يضيع ماء الأمطار بين الوديان والشعاب، من أجل أن تكون صحوةً مثمرةً بناءهً قويةً راشدةً، فإنها في أمس الحاجة إلى هذا المنهج التربوي المنبثق من القرآن الكريم والسنة الصحيحة، بفهم سلف الأمة الصالح رضوان الله عليهم جميعاً، هذا هو السبب الأول من أسباب اختياري لهذا العنوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>