للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسباب التي دعت إلى طرح موضوع سلسلة التربية]

بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.

فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وتعالى أن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.

أعلم جيداً أيها الأحبة أننا الآن نمر بأزمة عارمة في جميع بيوتنا، ألا وهي أزمة (بعبع) الثانوية العامة التي تؤثر على الآباء والأمهات قبل الأبناء، وكم تمنيت أن تتوقف اللقاءات كلها حتى ينتهي أحبابنا وإخواننا الطلاب من أداء الاختبارات، فاسمحوا لي أن أقدم المحاضرة ولا أريد أن أشق على أحبابنا وإخواننا من الآباء والأمهات الحاضرين أو على إخواننا القليلين الحاضرين من الطلاب.

وبداية أضرع إلى الله جل وعلا أن يذلل لهم الصعاب، وأن ييسر لهم الأسباب، وأن يفتح لهم الأبواب، وأن يذكرهم في الاختبارات ما نسوا، وأن يعلمهم ما جهلوا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أيها الأحبة في الله! هذا هو لقاؤنا السادس مع سلسلتنا المنهجية بعنوان: التربية لماذا؟ وفي عجالة أذكر أحبابي وإخواني بما ذكرناه في اللقاءات الماضية.

قلت: إن الأسباب التي دعتني لطرح هذا الموضوع هي: أولاً: الصحوة، فإن الصحوة الإسلامية التي لا ينكرها إلا جاحد، هذه الصحوة من أجل أن تكون صحوة بناءة راشدة فإنها في أمس الحاجة إلى منهج تربوي، لا أقول: إلى منهج نظري، فإننا لا نعدم الآن المنهج النظري، بل إن رفوف المكتبات تكاد تئن من الأحمال الثقيلة من الكتب، وإن عجلة المطبعة تنتج كل يوم الكثير والكثير، ولكننا في أمس الحاجة إلى أن نحول هذا المنهج النظري إلى منهج تربوي واقعي يتحرك بيننا في دنيا الناس.

ثانياً: الذوبان في بوتقة المناهج التربوية الغربية الدخيلة، فلما هزمت الأمة راحت تحاكي الحضارة المنتصرة في كل شيء، ولم تفرق الأمة بين الحضارة المادية وبين الحضارة الأخلاقية، فراحت تنقل كل ما عند الغربيين دونما تفرقة، وصدق فيها قول نبينا صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - (لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم أو لتبعتموهم.

قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) .

ثالثاً: الانفصام بين المنهج المنير والواقع المرير، فإن الأمة قد ابتعدت كثيراً عن المنهج الرباني في جانب العقيدة والعبادة والتشريع والأخلاق والاتباع إلى آخره، ومن ثم وجب أن نطرح هذا الطرح لنحول -جميعاً- هذا المنهج النظري إلى منهج تربوي واقعي يتحرك بيننا في دنيا الناس.

ثم تكلمت بعد ذلك عن مصادر التربية، وقلت: كل جديد طيب لا يتناقض مع القرآن والسنة الصحيحة، بل إننا نقر بكل جديد لا يصطدم اصطداماً مباشراً مع عقيدتنا أو منهجنا التربوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>