قال مترجمو الحافظ الهيثمي: كان عجبًا في الدين والتقوى والزهد، والإِقبال على العلم والعبادة والأوراد، وخدمة الشيخ، وعدم مخالطة الناس في شيء من الأمور، والمحبة في الحديث وأهله.
حدث بالكثير رفيقًا للزين العراقي، بل قلَّ أن حدث الزين بشيء إلَّا وهو معه، وكذلك قل أن حدث هو بمفرده، لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه، ومع ذلك فلم يغير حاله، ولا تصدر، ولا تمشيخ، وكان مع كونه شريكًا للشيخ يكتب عنه الأمالي بحيث كتب عنه جميعها، وربما استملى منه، ويحدث بذلك عن الشيخ لا عن نفسه، إلَّا لمن يلح عليه.
قال السخاوي: قال شيخنا -يعني ابن حجر- في معجمه: وكان خيرًا ساكنًا لينًا، سليم الفطرة، شديد الإِنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده. ثم قال الحافظ ابن حجر إنه قرأ عليه إلى أثناء الحج من "مجمع الزوائد" سوى المجلس الأول منه، قال: وكان يودني كثيرًا ويعينني عند الشيخ. قال: وبلغه أنني تتبعت أوهامه في "مجمع الزوائد" فعاتبني، فتركت ذلك إلى الآن، واستمر على المحبة والمودة، قال: وكان كثير الاستخصار للمتون، يسرع الجواب بحضرة الشيخ، فيعجب الشيخ ذلك. وقد عاشرتهما مدة فلم أرهما يتركان قيام الليل، ورأيت من خدمته لشيخنا وتأدبه معه -من غير تكلف لذلك- ما لم أره لغيره، لا أظن أحدًا يقوى عليه. وذكر الحافظ ابن حجر عن نفسه أنه لازمهما بعد عودتهما من المدينة، فطالت مدة صحبته لهما عشر سنين تخللتها رحلات الحافظ ابن حجر إلى الشام وغيرها. ومما قاله الحافظ في إنباء الغمر: إن الهيثمي صار كثير الاستخصار للمتون جدًا لكثرة الممارسة، وكان كثير الخير والاحتمال للأذى، خصوصًا من جماعة الشيخ. وقد شهد لي بالتقدم في الفن، جزاه اللَّه عني خيرًا.
وقال البرهان الحلبي في مشيخته: كان من محاسن القاهرة، ومن أهل الخير،
(١) ما زال الكتاب مخطوطًا. وله نسخة بدار الكتب المصرية من مجلدين (برقمي ٧٣٤٥، ٧٣٤٦ ف) الجزء الأول حتى "الحكم بن فضيل الواسطي" والمجلد الثالث والأخير أوله "ميمون أبو المهدي" حتى آخره. كتبت في القرن التاسع. وهو من مصورات جامعة الإمام ابن سعود. كما في المجلد الأول من الجزء الثالث (ص ١٦١).