غالب نهاره في اشتغال وكتابة، مع ملازمة خدمة الشيخ في أمر وضوئه وثيابه، ولا يخاطبه إلَّا بسيدي، حتى كان في أمر خدمته كالعبد، مع محبته للطلبة والغرباء وأهل الخير وكثرة الاستخصار جدًا.
وقال التقي الفاسي في ذيل التقييد: كان كثير الحفظ للمتوق والآثار، صالحًا خيرًا.
وقال الأقفهسي في معجم ابن ظهيرة: كان إمامًا حافظًا زاهدًا متواضعًا متوددًا إلى الناس ذا عبادة وتقشف وورع.
قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر: وسئل الحافظ العراقي عند موته: من بقي بعده من الحفاظ؟ فبدأ بي، وثنَّى بابنه وثلَّث بالشيخ نور الدين الهيثمي.
توفي الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي بالقاهرة ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من رمضان، ليقضي عيد الفطر في ظل مرضاة اللَّه وتحت جناح رحمته، إنه الرحمن الرحيم (١).
[المبحث الثالث ترجمة: الحافظ شهاب الدين ابن حجر [صاحب المختصر]]
شيخ الإِسلام، وإمام الحفاظ في زمانه، وحافظ الديار المصرية، بل حافظ الدنيا مطلقًا، قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد بن الكناني العسقلاني، ثم المصري الشافعي.
ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وعانى أولًا الأدب ونظم الشعر، فبلغ فيه الغاية.
ثم طلب الحديث من سنة أربع وتسعين وسبعمائة فسمع الكثير، ورحل ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي وبرع في الحديث، وتقدَّم في جميع فنونه.
حكي أنه شرب ماء زمزم ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ فبلغها وزاد عليها.
(١) هذه الترجمة مستفادة من مقدمة موارد الظمآن. وانظر استيفاء جوانب ترجمته بمقدمة المقصد العليّ بزوائد أبي يعلى الموصلي، فقد عقد محققه فصلًا طيبًا جامعًا لترجمته (ص ٢٩: ٥٧).