ولكتب الزوائد أهمية كبرى في زمننا هذا، حيث فُقِد بعض تلك المصنفات التي استخلصت منها الأحاديث الزائدة، فحلت كتب الزوائد محلها في إثراء المكتبة الحديثية وإمدادها بمؤلفات جمعت بين طياتها مجموعة كبيرة من أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي الأصل الثاني من أصول التشريع الإِسلامي.
وقد خدمت كتب الزوائد السنة المشرفة في نطاقها العام باعتناء مصنفيها عناية بالغة في سبيل إخراجها سهلة ميسورة للباحث.
فوفروا له جهده للتفتيش والبحث عن الأحاديث التي يريد تخريجها من تلك المعاجم أو المسانيد بترتيب ما زاد منها على الكتب الستة وتصنيفها على أبواب الفقه.
فمن فتَّش عن حديث في الكتب الستة أو أحدها ولم يقف عليه، يكفيه أن يرجع إلى كتب الزوائد ليتم بحثه بدلًا من أن يرجع إلى تلك الدواوين التي يعرف طالب العلم مدى المشقة التي تناله من مطالعتها.
ومع هذه الجهود التي قام بها أصحاب كتب الزوائد فقد اجتهد بعضهم في الحكم عليها بما يليق بها من صحة أو حسن أو ضعف.
وهو عمل -دون شك- متمِّم لجهود العلماء التي بذلت في خدمة الكتب الستة، وتمييز أحاديثها.
ومن فوائد الكتب الستة أنها ربطت بين مؤلفيها وبين مؤلفي الكتب التي اسْتُخلِصت منها بسلسلة الإِسناد التي امتازت بها هذه الأمة.
فكان مصنفوها قد تلقوا الأحاديث التي أوردوها عن مشايخ، ومشايخهم عن مشايخ، وهكذا حتى يتصل الإِسناد بصاحب المعجم أو المسند الذي تلقَّاها هو أيضًا عن مشايخ ومشايخه عن مشايخ، حتى يتصل الإِسناد برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إن كان الحديث مرفوعًا أو بالصحابي إن كان موقوفًا، أو بالتابعي إن كان مرسلًا. ولا يخفى ما في ذلك من المحافظة على تقاليد الرواية، والمحافظة على الإِسناد عند المحدثين إلى وقت متأخر.
وكذلك فإنه يمكن عَدُّ كتب الزوائد نسخًا أخرى لتلك الكتب التي اسْتُخْلِصَت منها في مادتها التي دارت عليها.
ولم يذكر مؤرخو السنة متى بدأ التأليف في فن الزوائد.