للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإشكال الوارد هنا -من الشاطبي طبعًا- هو أن المالكي -في هذه الحالة- يتنازل عن الدليل الذي يعتقد صحته -أو رجحانه على الأقل- ويعمل بدليل يعتقد بطلانه -أو مرجوحيته على الأقل- ويجوز -بعد الوقوع- ما لم يكن جائزًا قبله!

- المسألة الخامسة: أن الغزالي وابن رشد، وغيرهما كالقرافي، جعلوا من الورع، الخروج من الخلاف، بناء على أن الأمور المختلف فيها "أي في جوازها وعدمه" هي نوع من الشبهات التي جاء في الحديث الحث على اتقائها، فيكون من الورع واتقاء الشبهات: الخروج من الخلاف، بترك ما اختلف فيه.

وهذا الرأي يؤدي إلى إشكالات وصعوبات: منها أننا سنجعل قسمًا كبيرًا من الشريعة، من المتشابهات، مع العلم أن المتشابهات إنما هي استثناءات في الشريعة؟ ومنها الحرج الكبير الذي سيقع فيه المكلفون من أجل أن يكونوا ورعين، والحرج الكبير العسير منفي عن الشريعة قطعًا؟

- المسألة السادسة: قد يعمل المكلف عملًا، بالجهل، ومجرد التخمين، من غير علم بالحكم الشرعي فيما عمل -سواء كان ذلك في العبادات أو في غيرها- ويجبيء عمله على صورة يصححها بعض العلماء، ويبطلها بعضهم. فهل يكون عمله ذاك مجزئًا تبرأ به ذمته أم لا؟، علمًا بأن ذمته مشغولة -يقينًا- بذلك العمل.

- المسألة السابعة: أن إمامًا -بغرناطة١- ترك الدعاء الجماعي في أعقاب الصلوات، على أساس أن تلك الهيئة بدعة مخالفة لما هو معروف من فعل النبي


١ بمقارنة مضمون هذا السبؤال والذي بعده، بما فيه كلام الشيخ أبي سعيد بن لب، مع ما تقدم في فقرة "محنة الشاطبي" من تولة الإمامة والخطابة، واجتنابه لما اعتراهما من بدع. وكونه أتهم بالرفض، و ... ، و ... ، بمقارنة هذا وذلك يتأكد أن الإمام المذكور في هذا السؤال والسؤال التالي هو الشاطبي نفسه.

<<  <   >  >>