صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده، وأن الأستاذ أبا سعيد بن لب قد رد على ذلك الإمام بكتاب سماه:"لسان الأذكار والدعوات مما شرع في أدبار الصلوات" ذهب فيه إلى اعتبار الدعاء الجماعي عقب الصلوات ما له أصل على الجملة، وأن عدم وجوده في عمل السلف لا يدل على منعه، وإن كان يدل على جواز تركه، وذهب إلى أنه من البدع المستحسنة المفيدة للناس.
والإشكال في هذا: أن أي بدعة تحدث في الدين يمكن أن يحتج لها صاحبها بمثل هذه الاحتجاجات، وأن يجعلها بدعة مستحسنة. وهكذا يصبح هذا التأليف حجة لكل مبتدع، وينعدم كل ضابط للتمييز بين الأفعال المشروعة والبدع المحرمة!
- المسألة الثامنة: أن خطيبًا ترك ذكر الصحابة والدعاء لهم في آخر الخطبة كما هو معتاد، واقتصر على ذكرهم حين يروي عنهم الأحاديث. كما ترك -أيضًا- ذكر السلطان في الخطبة، زاعمًا أن ذلك كله بدعة، واستشهد بكلام لابن عبد السلام الشافعي يرى فيه أن ذلك بدعة. وقد قام الطلبة يبحثون في ذلك، فتحققوا أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة لم يأتوا بشيء من ذلك، ولا أحد من ولاتهم في خلافتهم. ولكنهم قالوا: العمل مستمر على هذا، فلعل له أصلًا، وأن المسألة بلغت الأستاذ أبا سعيد بن لب، فأنكر أشد الإنكار على ذلك الإمام، ورماه بالرفض، وانتصر لما عليه الناس، وأنه يكفي إجماع المسلمين على استحسانه.
والإشكال في هذا هو: هل في كل مرة وجدنا ما عليه الناس بخلاف ما جاء في الشريعة وما جاء عن السلف الصالحين والعلماء المجتهدين صححنا ما عليه الناس، وتركنا الشريعة وعمل المتقدمين؟ فكيف يبقى للسنة -مع هذا- أثر؟ وهل الإجماع الخالي من المجتهدين -كما هو شأن الأزمان المتأخرة- يعتبر حجة؟ وحتى ولو خالف إجماع الأولين من الصحابة وغيرهم؟
هذه سؤالات الشاطبي أو مسائلة١، وهي -في الحقيقة- أجوبة أكثر منها