للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمهور مسائل مختلف فيها اختلافًا يعتد به. فيصير إذا أكثر مسائل الشريعة من المتشابهات، وهو خلاف وضع الشريعة. وأيضًا، فقد صار الورع من أشد الحرج، إذ لا يخلو لأحد -في الغالب- عبادة، ولا معاملة، ولا أمر من أمور التكليف، من خلاف يطلب الخروج عنه. وفي هذا ما فيه١.

وأما الجواب الذي لم يشف صدره فقد أورد نصه وهو: "فأجاب بعضهم بأن المراد بأن المختلف فيه من المتشابه: المختلف فيه اختلافا دلائل أقواله متساوية أو متقاربة. وليس أكثر مسائل الفقه هكذا، بل الموصوف بذلك أقلها، لمن تأمل من محصلي مواد التأمل. وحنيئذ لا يكون المتشابه منها إلا الأقل. وأما الورع من حيث ذاته، ولو في هذا النوع فقط، فشديد مشق، لا يصلحه إلا من وفقه الله إلى كثرة استحضار لوازم فعل المنهي عنه. وقد قال عليه السلام "حفت الجنة بالمكاره" هذا ما أجاب به.

فكتبت إليه"٢.

وبالرجوع إلى جواب ابن عرفة -في المعيار- على السؤال الخامس من الأئمة الثمانية، ومقارنته مع هذا الجواب الذي أورده الشاطبي، يتضح يقينًا أن الجواب هنا هو نفسه الجواب الوارد هناك. مثلما اتضح -بمقارنة السؤالين- أن صاحبهما واحد؛ فالسائل الشاطبي. والمجيب ابن عرفة.

ولتسهيل المقارنة أورد فيما يلي الفقرة المعنية من جواب ابن عرفة: "مرادهم٣ بأن المختلف فيه من المتشابهات: هو المختلف فيه اختلافًا دلائل أقواله متساوية أو متقاربة. وليس أكثر مسائل الفقه هكذا. بل الموصوف بذلك أقلها لمن تأمل من محصلي مواد التأمل. فحينئذ يكون٤ المتشابه منها إلا أقل الأقل.


١ الموافقات: ١/ ١٠٣-١٠٤.
٢ الموافقات: ١/ ١٠٤. وانظر نص ما راجعه به: ١٠٤-١٠٦.
٣ يعني الغزالي وابن رشد والقرافي، من أصحاب الرأي محل النزاع، وهم المذكورون في السؤال.
٤ الصواب: لا يكون.

<<  <   >  >>