للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الجزء الحادي عشر من "المعيار" أيضًا، نجد سؤالًا آخر "مجهول المصدر" أيضًا، حيث قال المصنف: "وسئل أبو العباس القباب عن مسألة تظهر من جوابه.

فأجاب: الحمد لله.

وبعد، يا أخي حفظ الله ودك، وأدام بمنه جدك، فقد وصلني مكتوبكم متضمنًا ما جرى عندكم من المناظرة في شأن سلوك طرق الصوفية من غير شيخ، وما احتج به الفريقان من ذلك. وطلبتم مني آخر ذلك كله أن أكتب لكم بما هو الحق عندي في ذلك، مفصلًا على فصول المناظرة المذكورة، ملخصًا آخرًا، ليرجع جميعكم إلى ما أرسمه في ذلك كله، وأكدتم الطلب بالسؤال بالله تعالى، ولا يخفى عليكم ما في السؤال بالله"١.

وإذا كان واضحًا مقدار ما يكنه هذا "السائل المجهول" من تعظيم وتسليم للشيخ القباب، في حدود ما كشفه ولخصه الشيخ المسئول فقط، فقد أظهر هو أيضًا، من تعظيم السائل وتقديره ما لا مزيد عليه.

قال الشيخ القباب في ديباجة جوابه: "ولو أن غيركم كان المخاطب بهذا الخطاب، لقطعت قطعًا أنه في٢ ساخر، وبما ضمنه من علوم القوم علي فاخر، لكن حسن٣ بأخوتكم يصرف عندي هذا التأويل، ويجعله من قبيل المستحيل. لقد استسمنت ذا ورم ونفخت في غير ضرم.

أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشيخ فيمن شحمه ورم

وبحسب ما لي في جهتكم من الحب وحسن الاعتقاد، وعلمي أن مثلكم يقيل العثرة، ويستر من أخيه الزلة. أرجع إليكم بما عندي في هذه القضية -لأنه علم لا ينشر، بل إنه شيء يقصر ويستر- لما وجب علي من إجابة عظيم القسم بالله تعالى، الذي لا يحل إهماله، ثم توفية لحق أخوتكم٤.


١ المعيار: ١١/ ١١٧.
٢ الظاهر أن الصواب: مني "لا يسخر قوم من قوم".
٣ الظاهر أن أصلها: حسن الظن.
٤ المعيار: ١١/ ١١٧-١١٨.

<<  <   >  >>