للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"بالتقصير حالا ومآلا اعترافًا حقيقا، وأنا أحض الناس على الحق، ولا أقوم بواجبه، وأدعو إليه وأنا أبعد الناس منه. أسأل الله العفو بمنه"١.

وهكذا يمر السؤال والجواب، دون أي ذكر للسائل، رغم ما هو واضح من مكانته المرموقة، حتى لكأن السائل أعلم من المسئول، كما أشار إلى ذلك الشيخ القباب في أول جوابه، كما تقدم، مما كان يقتضي من المصنف -رحمه الله- أن يحرص على معرفة السائل وتعريفه ما أمكن ولعله قد فعل٢.

والمهم أني -بتوفيق محض من الله- قد وقفت على أن السائل هو إمامنا أبو إسحاق الشاطبي. وذلك أنه قد تعرض للفقرة التي قلت إنها بيت القصيد، من جواب الشيخ القباب، فقال:

"كتب إلى بعض شيوخ المغرب٣ -في فصل يتضمن ما يجب على طالب الآخرة النظر فيه، والشغل به- فقال فيه:٤ وإذا شغله شاغل عن لحظة في صلاته، فرغ سره منه، بالخروج عنه، ولو كان يساوي خمسين ألفًا، كما فعله المتقون٥.

وقد رد الشاطبي على القباب -في هذه المسألة- بمراسلة ثانية أورد نصها في "الموافقات"، وذكر أنه لما وصله الرد كتب إليه "أي القباب" بما يقتضي التسليم٦.

ورد الشاطبي في المسألة، رد طريف مفحم٧، خلاصته: أن القول بأن


١ المعيار: ١١/ ١٢٣.
٢ وإن كان الذي يبدو أن الونشريسي -وهو بفاس- قد أمكنه الحصول على جواب القباب "الفاسي" وحده. والجواب -كما رأينا- لا يتضمن اسم السائل.
٣ لم يسمه هو أيضًا.
٤ قارن من الآن، وكلمة "المتقون" في آخر النص وردت في نص "المعيار": "المتقدمون" ولعلها من تصحيف بعض الأيدي المتعاقبة عليه.
٥ الموافقات: ١/ ١٠٢.
٦ الموافقات: ١/ ١٠٣.
٧ وشبيه به رده أيضًا على القشيري "الصوفي" في مسألة الاشتراط على المريد أن يخرج عن ماله انظر "الاعتصام" ١/ ٢١٤-٢١٥.

<<  <   >  >>