للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومكملة للحاجية. فالكل إذن، حائم حول الضروريات، يقويها ويكملها ويحسنها.

وتنبني على هذا الترتيب مبادئ مهمة جدا، في الأولوليات وفي الترجيح بين المصالح عند تعارضها.

فمن ذلك أن: "كل تكملة، فلها -من حيث هي تكلمة- شرط، وهو ألا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال١.

وبيان ذلك، أن الصلاة -مثلًا- لها شروط ومكملات، كالطهارة واستقبال القبلة. فإذا تعذرت هذه الشروط أو بعضها، وبقينا -مع ذلك- مصرين على توفير هذه المكملات، فإن الأصل نفسه سيضيع ونبقى بغير صلاة، فيكون اعتبار المكمل قد عاد على أصله بالإبطال. وهذا ما لا يجوز. ولهذا يجب -في هذه الحالة- التمسك بالأصل، ولو بتضييع مكملة، أو مكملاته.

ومن أمثلة ذلك في المعاملات: البيع، فمن شروطه انتفاء الغرر. لكن توفير هذا الشرط، قد يكون -في بعض البيوع- متعذرًا أو عسيرًا، ولا سيما إزالة الغرر بصفة تامة. فنكون بين أن نعطل هذه البيوع -التي لا بد فيها من قدر من الغرر- وبين أن نمضيها مع تقليل الغرر ما أمكن.

ولا شك أن الثاني هو الصواب، بناء على القاعدة المتقدمة، وهي قاعدة مستقرأة من أدلة الشرع.

فالشارع -سبحانه- جعل المصالح يكمل بعضها بعضًا، ويخدم بعضها بعضًا، وجعل الأدنى تابعًا للأعلى ومتأخرًا عنه في الاعتبار، فلا ينبغي أن تستعمل في تعطيل بعضها بعضًا، وخاصة تعطيل الأعلى بالأدنى. بل هي موضوعة ليقوي بعضها البعض، ويجلب بعضها البعض، ويحمي بعضها البعض.


١ الموافقات: ٢/ ١٣.

<<  <   >  >>