للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا الأساس بنى الشاطبي المسألة الرابعة من هذا النوع. فبعد أن قرر أن "المقاصد الضرورية أصل للحاجية والتحسينية" فصل ذلك في خمسة قواعد، هذه تراجمها:

١- الضروري أصل لما سواه من الحاجي والتكميي.

٢- اختلال الضروري يلزم منه اختلال الباقيين بإطلاق١.

٣- لا يلزم من اختلال الباقيين اختلال الضروري.

٤- قد يلزم من اختلال التحسيني بإطلاق، أو الحاجي بإطلاق، اختلال الضروري بوجه ما.

٥- ينبغي المحافظ على الحاجي والتحسيني للضروري.

ومرماه من تقرير هذه القواعد وترتيبها، وهو الوصول إلى النتيجة المقررة في القاعد الخامسة، والمبنية بدورها على القاعدة الرابعة. وذلك أنه -لأجل حفظ الضروريات- لا بد من المحافظة على الحاجيات والتحسينيات "بصفة عامة"، لأن: "في إبطال الأخف جرأة على ما هو آكد منه، ومدخلًا للإخلال به. فصار الأخف كأنه حمى للآكد، والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه فالمجترئ على الأخف بالإبطال معرض للتجرؤ على ما سواه. فإذا، قد يكون في إبطال الكمالات بإطلاق، إبطال الضروريات بوجه ما٢.

وأكتفي -الآن- بتلخيص هذا القدر من مسائل النوع الأول من مقاصد الشارع. وأما بقية المسائل، فمنها ما سيأتي في فصل: المصالح والمفاسد "كالمسألتين الخامسة والثامنة" ومنها ما سيدمج في فصل: بماذا تعرف مقاصد الشارع؟ "كالمسألة التاسعة".

وإنما أرجأت هذه المسائل، لأني مضطر للتعرض لها في المباحث المشار إليها، وسيكون لذكرها هناك ما يناسب أهميتها من التفصيل والبيان والتعليق.


١ أي اختلالا تاما لا يبقى معه وجود، يقابله الاختلال الجزئي، "بوجه ما".
٢ الموافقات: ٢/ ٢١-٢٢.

<<  <   >  >>