الحالة الرابعة: مثل السابقة، إلا أنه يكون عالمًا بالموافقة، فهذا أشد من سابقه، لأنه داخل تحت الرياء والنفاق والتحايل على أحكام الله.
الحالة الخامسة: أن يكون مخالفًا للشارع في الفعل، موافقًا له في القصد، مع علمه بالمخالفة الفعلية، وصاحب هذه الحالة غالبا ما يكون متأولًا لعمله، معتمدًا على حسن قصده. وهذا شأن المبتدعين "والذي يتحصل هنا أن جميع البدع مذمومة، لعموم الأدلة في ذلك".
الحالة السادسة: مثل سابقتها، غير أنه هنا غير عالم بالمخالفة. وفي هذه الحالة وجهتان من النظر:
- الوجه الأولى: النظر إلى كونه موافقًا في نيته وقصده، وإنما الأعمال بالنيات، وأما مخالفته فجاءت عن غير قصد، وعن غير علم منه.
- الوجهة الثانية: النظر إلى كونه مخالفًا -عمليا- للشارع، ولهذا فإن قصده لم يحقق قصد الشارع، الذي لا يتحقق بمجرد النيات، وإنما يتحقق بالفعل، والفعل هنا مخالف.
ومن هنا "صار هذا المحل غامضًا في الشريعة. وكانت المسمألة مشكلة جدا".
وقد انتهى به الأمر -بعد تقليب المسألة طويلًا- إلى الميل نحو اعتبار الوجهين معًا، بحيث يكون لكل من الموافقة القصدية، والمخالفة الفعلية أثره في الحكم على الفعل وما يترتب عنه١.
وأما المسألة الخامسة فقد تضمن قواعد أخرى أكثر تفصيلًا ضبط بها وجوه التعارض -وعدمه- بين مصالح ومفاسد المكلف الفرد، ومصالح غيره ومفاسده، مع مراعاة القصد وعدمه، ويمكن تسمية هذه المسألة: قانون التعارض والترجيح بين مصالح الناس ومضارهم.
١ انظر الأدلة، والأمثلة، في نهاية المسألة الرابعة.