للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يؤكد أن هذا هو مذهب الرازي -إن كان الأمر ما زال بحاجة إلى تأكيد- ما أورده كبير المعللين، الإمام ابن القيم، وهو بصدد الرد على منكري التعليل والقياس، بعد أن عرض أدلتهم -أو شبهاتهم على الأصح- كأحسن ما يكون العرض، حيث قال: "وقد اختلف أجوبة الأصوليين. بحسب أفهامهم ومعرفتهم بأسرار الشريعة. فأجاب ابن الخطيب١. بأن قال: غالب أحكام الشريعة معللة برعاية المصالح المعلومة. والخصم إنما بين خلاف ذلك في صور قليلة جدا. وورود الصورة النادرة على خلاف الغالب لا يقدح في حصول الظن٢. كما أن الغيم الرطب إذا لم يمطر نادرًا لا يقدح في نزول المطر منه"٣.

وبعد، فمن بقي من منكري التعليل:

لقد رأينا الشاطبي يعتبر التعليل مسألة مسلمة.

ورأينا كثرة الذين يحكون الإجماع والاتفاق على القول بالتعليل.

ورأينا حقيقة وقيمة ما تردد عند بعض المتكلمين الأشاعرة من "إنكار التعليل".

ورأينا حقيقة موقف أحد هؤلاء، وهو الإمام فخر الدين الرازي، الذي اشتهر عنه -بصفة خاصة- إنكار التعليل.

فمن بالذات ينكر -أو ينكرون- كون الشريعة إنما جاءت لرعاية مصالح العباد؟


١ هو الرازي، وهو معروف بهذا الاسم، أو بابن خطيب الري، نسبه إلى أبيه الذي كان خطيب مدينة الري الفارسية.
٢ الظن هنا إنما يتعلق بالتعليلات الجزئية لبعض الأحكام، وخاصة التعليلات الاجتهادية. أما التعليل بصفة عامة، ومن حيث المبدأ، قطعي عنده، كما هو واضح فيما تقدم من كلامه. من ذلك قوله: "انعقد الإجماع على أن الشرائع مصالح".
٣ أعلام الموقعين، ٢/ ٧٢.

<<  <   >  >>