للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- وابن حزم بالغ في حشر "الحجيج" ضد خصومه، وبالغ في مهاجمتهم واستفزازهم، مما يصعب معه جدا تجاهل موقفه، وشبهه، ونتائجه. خصوصًا وأنه يقدم ذلك كله على أنه اليقين الذي لا يقبل المناقشة والمراجعة. ولا أرى إلا أن كلامه هو الذي استفز ابن القيم، حتى قال -وهو يتهيأ للرد المفصل على منكري القياس- "الآن حمي الوطيس، وحميت أنوف أنصار الله ورسوله لنصر دينه وما بعث به رسوله. وآن لحزب الله أن لا تأخذهم في الله لومة لائم"١.

فقد بلغت حملة ابن حزم على التعليل وأهله إلى حد اعتبار "أن القياس وتعليل الأحكام دين إبليس، وأنه مخالف لدين الله تعالى، نعم، ولرضاه. ونحن نبرأ إلى الله تعالى من القياس في الدين، ومن إثبات علة لشيء من الشريعة"٢.

٣- وابن حزم هو الذي شغل، أو فتن، مالكية المغرب والأندلس، وهدد استتباب مذهبهم، تهديدًا حقيقيا، غير ما مرة، فكيف لم يتصد الشاطبي المالكي للرد عليه؟!

هل يكون موقف الشاطبي هذا، إمعانًا في إهمال الظاهرية وإماتة مقولاتهم؟

أستبعد هذا، لأن الشاطبي يذكر الظاهرية وابن حزم مناسبات عديدة ويذكرهم بكثير من الإنصاف والرفق٣.

وعلى كل حال، فالذي يهمني الآن، هو أن أسجل إحساسي بأن عدم التعرض لموقف ابن حزم ولتفنيد آرائه وكشف شبهة، يشكل نقصًا في كتاب كامل عن المقاصد. بل هو كتاب يؤسس نظرية المقاصد. وأساس نظية المقاصد هو التعليل.


١ أعلام الموقعين، ٢/ ٧٤.
٢ الإحكام، ٨/ ١١٣.
٣ انظر -على سبيل المثال- المسألة السابعة في الأوامر والنواهي، ج٣ من الموافقات، وأيضًا: ٤/ ٢٢٩-٢٣٠.

<<  <   >  >>