للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمسلمين يستعمل مع كل صنف ما يراه سببًا لنجاته وتخليصه من الكفر"١.

ومن المالكية الذين قالوا ببقاء سهم المؤلفة قلوبهم، وأنه مرهون بمقصوده وحكمته، القاضيان: عبد الوهاب، وابن العربي٢.

وقال ابن العربي بعد أن أيد استمرار العمل بهذا السهم كلما اقتضى الأمر ذلك: "فكل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لحكمة وحاجة وسبب، فوجب أن السبب والحاجة إذا ارتفعت أن يرتفع الحكم، وإذا عادت أن يعود ذلك"٣.

ونبقى مع أبي بكر بن العربي أيضًا، في اجتهاداته المبنية على أن "النصوص والأحكام بمقاصدها"، فقد تعرض لشرح الأحاديث النبوية الناهية عن أن تسافر المرأة -سفرًا بعيدًا- إلا مع أحد محارمها. وبعد أن بين الحكمة في هذا النهي، وهي صيانة المرأة وتحصينها من أي امتهان لكرامتها أو تعد على عرضها. قال: "ولما ثبت هذا الأصل، وفهم العلماء العلة، قالوا: إنها يجوز لها السفر في الرفقة المأمونة الكثيرة الخلق الفضلاء الرجال. وقال أبو حنيفة: بل عين المحرم شرط. واعجب له يعلل العبادة. ويقول إن معنى المحرمية التعظيم، والغرض من عبادة الزكاة: سد خلة الفقراء، فتجزئ فيها القيمة، ثم يأتي إلى هذه المسألة ولا يعللها ويدعي أن المحرم عين معينة فيها! وإن هذا الشيء عجاب"٤.

ثم استدل على جواز سفر المرأة بدون محرم -إضافة إلى ما سبق- بما جاء في بشارة النبي صلى الله عليه وسلم، من أن المسلمين سيأتي عليهم من الأمن، حتى تخرج المرأة من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا الله عز وجل. ثم قال مقررًا مدار المسألة على حكمتها ومقصودها: "والأصل في ذلك ما نبهنا عليه من وجود الأمن بأي وجه كان"٥.


١ الجامع لأحكام القرآن: ٨/ ١٧٩.
٢ نفس المرجع: ١٨١.
٣ عارضة الأحوذي: ٣/ ١٧٢.
٤ عارضة الأحوذي: ٥/ ١١٨.
٥ نفسه: ١١٩.

<<  <   >  >>