للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز الدين بن عبد السلام "ت ٦٦٠":

وقد اشتهر الإمام ابن عبد السلام -أكثر ما اشتهر- بكتابه الفريد "قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، وهو كتاب يكاد يكون خاصًا في مقاصد الشريعة، سواء باعتبار كلامه الصريح في مقاصد الأحكام، أبو باعتبار أن الكلام في المصالح والمفاسد، هو كلام في مقاصد الشريعة، التي تتلخص في جلب المصالح ودرء المفاسد.

والغريب أن صاحب "نيل الابتهاج" ذكر لابن عبد السلام كتابًا آخر -غير معروف له- في هذا الموضوع، اسمه "كتاب المصالح والمفاسد"، وأن الإمام ابن مرزوق الحفيد "ت ٨٤٢"، درسه لبعض طلابه! وكان من الممكن الظن بأن هذا الكتاب هو نفسه كتاب "القواعد" لولا أنه ذكرهما معًا، جنبًا إلى جنب١.

كما أن له كتابًا آخر، سماه السبكي "شجرة المعارف"، وقال عنه: "حسن جدا"٢، ولكنه لم يذكر عن موضوعه شيئًا. غير أن الشيخ ابن عاشور، عند تفسيره للآية الكريمة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ٣. نقل عن "السيرة الحلبية": "أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام ألف كتابًا سماه "الشجرة" بين فيه أن هذه الآية اشتملت على جمع الأحكام الشرعية في سائر الأبواب الفقهية"٤.

وهذا يعني أن الكتاب في الفقه والتشريع، بل في أسس الفقه وفلسفة التشريع. والآية التي بنى عليها كتابه هذا، جامعة لمقاصد الشريعة الإسلامية، لأنها أمرت بجوامع المصالح، ونهت عن جوامع المفاسد، حتى قال عنها ابن مسعود: هي أجمع آية في القرآن٥.


١ نيل الابتهاج، ٢٩٥.
٢ طبقات الشافعية، ٥/ ١٠٣.
٣ سورة النحل، ٩٠.
٤ التحرير والتنوير، ١٤/ ٢٦٠.
٥ المرجع السابق، ٢٥٩.

<<  <   >  >>