للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: المنهج التجريبي عند العرب]

إن عودة إلى التاريخ تجعلنا نقول: إن علماء العرب قد فطنوا إلى أن الوقائع والأحداث التي تقع في التجمعات البشرية المختلفة ما هي إلا تجارب حدثت بين البشر، وقد اختلف اهتمام العلماء بهذه الأحداث، منهم من جمع وأرخ، ومنهم من وصف واجتهد، ومنهم من تقصى وعلل ووقف على نتائج ذلك وكان التاريخ تجارب واعظة لمن يعيها ويتدبرها ويستخلص منها أحكاما عامة، يمكن تطبيقها على ظروف متشابهة وملابسات متماثلة.

لقد استخدم بعض المؤرخين كلمة "عبر" و"اعتبار" في عناوين كتبهم التي حوت مواد تاريخية، من مثال ابن خلدون "ت ٨٠٨هـ/ ١٤٠٥م" والمقريزي وأحمد مسكويه١.

في كتابه "تجارب الأمم وتعاقب الهمم"، "ليعتبر بها المعتبرون، ويجري مجرى تجارب الأمم التي يتكرر مثلها فيتحرز منها"، ونحا نحوه ابن الأثير الجزري٢ في كتابه "الكامل في التاريخ" عندما حدد فوائد التاريخ "أذكر أن منها ما يحصل للإنسان من التجارب والمعرفة بالحوادث، وما تصير إليه عواقبها، فإنها لا تحدث أمرا إلا قد تقدم هو ونظيره فيزداد بذلك عقلا ويصح لأن يقتدى به أهلا".


١ أبو علي أحمد محمد المعروف بمسكويه ٦/ ٣٠٣.
٢ عز الدين أبو الحسين علي بن محمد الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير "ت٦٣٠هـ/ ١٢٢٣م"، ١/ ٧.

<<  <   >  >>