أشرنا إلى أن الاسم "بحث" يعرف عادة بأنه يعني التقصي بعناية، وبخاصة استقصاء منهجي في سبيل زيادة مجموع المعرفة، وأن هذه المجموع يزداد نتيجة إضافة معرفة جديدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحال عندما تستعاد معرفة كانت منسية أو مهملة، أو يرد لها اعتبارها؟ وما العلاقات بين المعرفة والمعلومات من ناحية، والمعرفة والفهم من ناحية أخرى؟ ووصف البحث بأنه علمي، هل يضيف شيئا إلى معنى كلمة "بحث" أم ينقص منه؟
يتعلق الجواب على هذه الأسئلة بإدراك الفرد الحسي للعالم من حوله، وقدرته على التأثير، فهي أسئلة فلسفية علمية وفعلية في آن معا، ومناقشتنا التالية من خلال فحص عدد من أنواع نشاطات البحوث المختلفة، توضح لنا ذلك، لأنها جميعا ترد أحيانا ضمن مفهوم البحث.
١- في المجتمعات الحضرية هناك نوعان مألوفان من أنشطة البحوث، التي تقوم على استطلاع الرأي العام، وهما "بحوث السوق" أو "استطلاع الرأي العام" و"البحوث التاريخية" تتمثل الأولى بشكل في الانتخابات السياسية الديموقراطية، وفي ممارسة التجارة، التي تمثل في أخذ رأي عينة من السكان حول صنف جديد من المنتجات في السوق، وكلا الشكلان من النشاط يحتوي على عنصر من عناصر البحث، وهو الجمع والتحليل المنهجي للبيانات، رغم ذلك فإن التحذيرات المعيارية للبحث العلمي تعد وثيقة الصلة بالموضوع في هذه أيضا، ويتعلق أغلبها بمشكلة الانحياز.
أما الحوادث التاريخية "أحداث وسجلات فريدة" فالهدف منها هو إعادة بناء كل شيء بالضبط بقدر الإمكان بالنسبة للحدث الذي يصفه، تقريبا كما لو كان هناك بنفسه، يكتب كل شيء في حينه، وعلى أي حال فإن البحوث التاريخية تشترك