لم يكن مفهوم النظم وليد التقدم العلمي الحديث بمقدار ما كان ردة فعل على عصر التخصص وتجزئة المعلومات والمعارف المتباعدة والمنعزلة عن بعضها، إن المغالات في التحليل والتخصص دون الاهتمام بعلاقات الأجزاء مع الكل ومحاولة حصر دور وقيمة كل جزء بشكل منفصل عن علاقاته بالأجزاء الأخرى، أدت إلى ردة فعل انتشرت معها الرؤية الشاملة للموقف أو الظاهرة.
لقد اعتاد الإنسان أن يبحث عن سبب واحد يفسر علاقته مع غيره، ويهمل العوامل الأخرى التي قد تكون مؤثرة، فحينما نعتقد أن تدني الإنتاج يعود إلى إهمال العامل، وتهمل العوامل الأخرى، فإننا نرجع الحادث إلى سبب واحد محدد وبذلك نكون قد ابتعدنا عن الرؤية الشاملة "النظامية" والتي تعني الإلمام بجميع أبعاد المشكلة وعناصرها، والإلمام بجميع العوامل المؤثرة فيها، من خلال ما يلي:
١- النظر إلى كافة العوامل المؤثرة وليس إلى عامل واحد فقط.
٢- بعض هذه العوامل تكون داخلية تنبع من الموقف نفسه وبعضها خارجي تكون خارجية تتعلق بالبيئة.
٣- إن العوامل المؤثرة على الموقف ليست مستقلة بل متفاعلة تؤدي إلى الظاهرة أو الموقف.
أي أن النظرة الشاملة تعني النظرة إلى الموقف ككل واحد، بجميع أبعاده وعناصره وعدم البحث عن أسباب منفصلة أو عوامل مستقلة بل دراسة شبكة العوامل المؤثرة في علاقاتها وتفاعلاتها مع بعضها، ويتم معالجة الموقف بعد الأخذ بالاعتبار ما ذكرناه أعلاه وفق الخطوات الآتية:
١- التعريف بالمشكة ووضع حدودها:
إن لكل بحث علمي مشكلة محددة، والمشكلة في أسلوب النظم تتعلق بنظام معين، يعرف بوساطة ومعرفة عناصره ومكوناته وبيئته، ولعلاقة بينه وبين الأنظمة الأخرى، التي تقيم معها علاقات ومعرفة الأنظمة الفرعية التي يشتمل عليها.