للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلوم، ولا يشذ عن ذلك إلا علمان واسعان هما: علم الفلك، وعلم طبقات الأرض، أما العلوم الاجتماعية فقد اعتمدت ولا تزال تعتمد على التجارب التي تقع عرضا، وبدون تدخل الإنسان، شأنها في ذلك شأن علمي الفلك وطبقات الأرض، وإن كان علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية تمتاز بأن بعض الظاهرات طيعة للتجريب في حدود ضيقة.

وفيما عدا علم النفس الاجتماعي، نجد أن التجريب الاجتماعي محدود في علم الاجتماعي، والعلوم الاجتماعية الأخرى، وذلك لأن التجريب الاجتماعي لا يكون هدفه إلا التنمية الاجتماعية في محيط المجموعات والجماعات والمجتمعات الحضرية وجميع العالم. وليس من اليسير وضع مشروعات التنمية على اختلاف أنواعها محك التجريب، بخاصة في الدول العربية لعدد من الأسباب، نذكر منها الرغبة في سرعة الإنجاز وعدم تنفيذ المشروعات بوساطة علماء اجتماع متخصصين مثالها مشروعات توطين البدو في الأردن وفي شمال المملكة العربية السعودية، ومشروع توطين أهالي النوبة في منطقة كوم أمبو شمال مدينة أسوان في جمهورية مصر العربية، ولو كانت هذه المشروعات الاجتماعية وغيرها قد بحثت بمنهج تجريبي على أساس أنها تجارب ذات أهداف حددها من فكروا فيها، لكان لدينا الآن تنظيرات علم اجتماعية من واقع أسلوب الحياة في الوطن العربي.

هذا وإن البحوث الاجتماعية التي تجري فور تنفيذ القوانين الاجتماعية التي تهدف إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية، لا يمكننا أن نعدها تجارب بالمعنى الصحيح، لأنه يمكن إدخال تغييرات على هذه القوانين وإجراء تجارب أخرى بعد ذلك، والمقارنة بين نتائج التجاريب السابقة والتجاريب اللاحقة، وما دام الباحث لا يستطيع التحكم في عملية البحث من أولها إلى آخرها وإجراء ما يراه من تعديلات فيها، فإنها لا تكون تجاريب، ولا يصح أن يقال: إنه يستخدم المنهج التجريبي والأصوب أن يقال عن هذا الإجراء المبحثي أنه شبه تجريبي، وأن المنهج شبه تجريبي١.


١ حسن الساعاتي: تصميم البحوث الاجتماعية، مرجع سبق ذكره، ص٢٣٣-٢٣٤.

<<  <   >  >>