للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها، كاستخراج النسب المئوية، وحساب معامل الارتباط واستخدام مقاييس الصدق والثبات والدلالة الإحصائية.

ولقد كسب هذا الرأي في أهمية الإحصاء تقديرا وانتشارا نتيجة التفنينات الإحصائية التي ابتدعها كبار المتخصصين، وخدموا بها البحوث العلمية في مختلف الميادين بخاصة بعد انتشار الحاسب الآلي وقد ابتدع الإحصائيون وعلى رأسهم كارل بيرسن "Karl Pearson" ما يعرف إحصائيا باختبار الدلالة، الذي يكشف بدقة كافية أن متغيرين أحدهما مستقل والآخر معتمد عليه بينهما علاقة سببي، ومن فوائد الإحصاء التطبيقية، تلك الفوائد العظمى في ميدان بحوث السكان، بخاصة ما يتعلق بما يعرف بالإسقاطات السكانية، في فترات منتظمة آتية، حتى يمكن رسم أية خطة تنمية في أية دولة.

ومهما يكن من أمر الأسلوب الكمي، فلا بد من التحذير العلمي بخصوص الإحصاءات بوجه عام، وعلى سبيل المثال حساب نسبة الأمية وفق مختلف الأعمار، كذلك التقديرات السكانية المستقبلية وفق الإسقاطات السكانية، ومهما كان الأمر، فما زال الأسلوب الكمي ولا يزال يستخدم في الأغلبية الساحقة من البحوث، لدرجة أصبح هناك اعتقاد بين فريق من العلماء بأن الذين يستخدمون الأسلوب الكمي في بحوثهم وهم وحدهم العلميون الذين يستطيعون إثراء العلم، ويرى العالم "جورج لاميرج" وهو كمي أن الكيفيين يشبهون قراء الفنجان.

ولما كان الأسلوب الكمي ببياناته الإحصائية غير كاف وحده، لفهم الظاهرات، فقد تنبه بعض الباحثين إلى ضرورة الاستعانة بالأسلوب الكمي والكيفي، الأمر الذي يساعد على دقة التحليل وضبط التفسير، وقد فعل ذلك ابن خلدون أكثر من مرة في مقدمته، وأبرزها حينما كان يبرهن على صحة قانونه الاجتماعي "في أن البدو أقدم من الحضر، وسابق عليه، وأن البادية أصل العمران ورد لها" فهو يستخدم أولا

الأسلوب الكيفي معتمدا على المسلك العقلي في إثبات العلة، أي البرهنة، ويجمع إليه البرهان الكمي بالأرقام مستخدما طريقة "الاستبار" وقد يستعمل الأسلوبين الكيفي والكمي في موضعهما المناسب، وفقا لمتطلبات البحث، مما يمكن أن نسميه المسلك التكاملي الذي أخذ به في العصور الحديثة العالم الأمريكي "بترام سوروكن"١.


١ حسن الساعاتي. تصميم البحوث الاجتماعية. مرجع سبق ذكره، ص١٤٨-٢٠٢.

<<  <   >  >>