للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماضية نشأت في المجتمعات الأوروبية، مع الإشارة إلى أن التقدم لا يقتصر على مجموعات معينة من الأفراد، بدليل أن أعدادا كبيرة من مواطني الدول النامية يعملون وبمستوى علمي رفيع في أرقى مؤسسات البحث العلمي في جميع أنحاء العالم.

وليس المجال هنا لتحديد الفترات التاريخية والظروف والعوامل التي شجعت على النهضة العلمية التي اختصت بها مناطق جغرافية في العصور الحديثة نسبيا، إنما الجدير بالذكر أنه ساد في أوروبا إلى جانب نهضة العلم الحديثة، اعتقاد شمل المجتمع هو إمكانية وصف الطبيعة وصفا منهجيا، وفهمهما فهما عقلانيا، وفي مثل هذا المناخ الثقافي لا يدخل الأفراد عادة مجال البحث العلمي، بهدف المجد أو الشهرة أو أملا في مغانم شخصية كبيرة، بل بهدف كسب المكانة اللائقة بهم بين أفراد المجتمع وتأمين الرخاء المادي، وهذا لا يمكن أن يواصل مسيرته إذا تقوضت أو أهملت الرفاهية الفكرية، فالعلاقة بينهما علاقة مترابطة متكاملة.

يتم ذلك بالاستثمار، والاستثمار في البحث العلمي يتضمن خليطا من العاملين والمال والمعدات والمعلومات الملائمة، تعمل جميعها في ضوء أهداف محددة بوضوح، والتفاعل بين هذه المكونات هو فعالية البحث، إلا أن أهم وأدق أنواع الاستثمار في النشاط العلمي والتقني، هو ما يخصص لإعداد الباحث الفرد، فالباحث أكثر العناصر قيمة، فهو حجر الأساس ويتم ذلك بالتمويل، ونسبة الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي والتطوير مختلفة، تتراوح بين "٥%" من الناتج القومي الإجمالي في أغلب الدول النامية إلى ما يقرب من "٤٠%" في بعض دول أوروبا وأمريكا الشمالية، وكلما كبرت الدولة، وكانت على درجة عالية من التصنيع كبر ناتجها القومي الإجمالي، وغطت نسبة ما تخصصه للبحث والتطوير "وقد تجاوز الإنفاق العالمي على البحث والتطوير "١٠" بلايين دولار منذ عام "١٩٧٤"، وجمع وأنفق أقل من "٣%"١ من جملة هذا المبلغ في


١ Dikinson. J. P. op. cit. p ٣٠.

<<  <   >  >>