إن نظام ضبط الجودة أخذ بالتطور لأسباب متنوعة منها منهجي تماما ومنها ما يرتبط بفلسفة العلوم التي ترى أن المعرفة العلمية رصيد من الخبرة الفكرية المشتركة، وحتى يصبح عمل ما جزءا من هذا الرصيد المعرفي لا بد من أن يسهل الاطلاع عليه بوساطة النشر، بعد أن يتم ضبط الجودة، ولقد أوضح رافيتز "Ravets" أن أقل من ربع المشتغلين بالعلوم كافة لم ينشروا بحثا واحدا، ومن حسن الطالع أن الاتجاه نحو النشر آخذ بالتزايد، وقد أدى ذلك إلى تأسيس عدد من المجالات تخصصت في نشر البحوث، وهذه تختلف في قيمتها وفي قدر الفكر الوارد بها ونوعيته، والجهد والخبرة اللذين تنطوي عليهما، وبالتالي تتباين مستوى المجلات العلمية ومحتواها، ونستشهد بالتعليق اللاذع لجورج أوريل "Geoge Orewell" الذي يقول: "إن جميع المطبوعات وإن كانت متساوية في حد أدنى من القبول، فإن بعضها أكثر تساويا عن غيره".
وعلى عاتق الأكاديميين والمحررين والمحكمين تقع مسئولية منع تدهور المعايير، عليهم أن يستبعدوا نتائج البحوث والمخطوطات التي تتسم بالتكرار، وتخلو من أية قيمة مهما كانت درجة كفاءة الباحث وحسن نواياه، فإنه غير معصوم عن الخطأ، والمنظور التاريخي أفضل وسيلة لضبط الجودة، نقصد بذلك أن القيمة النهائية للبحث العلمي تقاس بالقدر الذي يعتبره الباحث اللاحق جزءا من المعرفة لا غنى عنه في الدراسة والترتيب المنهجي ومواصلة الجدل ودعم النظرية والمعرفة ووضع الأسس النظرية الجديدة.
إن من السمات المميزة للعلم نزعته العالمية، وقد ظهرت هذه النزعة منذ العصور الوسطى، كما أنه عامل من عوامل التكمل في العلاقات الإنسانية والدولية نجم عن ذلك تطوران متباينان، على صعيد عالمي بينهما علاقة، أحدهما تطور جوهري، أو ذاتي العلم، والثاني خارجي. وفي نهاية القرن "التاسع عشر" تقريبا بدأت الجمعيات الكونية لتكوين اتحادات إقليمية ودولية منظمة على أساس الفروع العلمية. وحوالي